لا يكاد يختلف مصريان على أن حركة الإخوان المسلمون هي ركيزة أساسية في الهوية السياسية المصرية منذ بداية القرن الماضي حتى وقتنا الحالي ، بل يتعدى الأمر ذلك إلى إختراق الهوية الدينية للمصريين عن طريق شيوخ الحركة بدءاً من مؤسسها الشيخ حسن البنا إنتهاءً بالقرضاوي .
كما لا يختلف أحد في مصر على أن حركة الإخوان المسلمون هي الحركة السياسية المعارضة الأقوى على الساحة ، بل الأقوى على الإطلاق إذا نحينا الجيش والشرطة المواليين للنظام المصري .
فعلى الرغم أنها عندما بدأت لم تكن في قوة وشعبية موازية لحزب الوفد آنذاك ، لكن دورها الوطني والإقليمي الذي يراه كثير من المصريين " دوراً مشرفاً " جعل من هذه الحركة القدرة على الاستمرار وزيادة الشعبية على مر العقود بالرغم من ضربات النظام لها .
المثير والعجيب في تاريخ الإخوان كحركة سياسية لها حضور طاغي في الأوساط الشعبية المصرية هي تعدد حالات الغباء السياسي في تاريخها بالإضافة إلى سكوتهم الدائم على ضربات النظام لهم بالرغم من قدرتهم على الرد وبقوة أيضاً لما يمتلكونه من قوة بشرية وتنظيمية وتأييد كبير من الشعب المصري .
نعود قليلاً إلى الوراء وبالتحديد إلى مظاهرة 28 فبراير عام 1954 ، تلك المظاهرة التي كانت لها القدرة على تغيير الخريطة السياسية المصرية إلى الأبد وبالتالي الخريطة العربية والإسلامية .
كانت إرهاصات التأزم السياسي بين الضباط الأحرار وحركة الإخوان المسلمون عام 1953 وإنقلاب الضباط ذوي الأيديولوجيات المختلفة عن أيديولوجية الإخوان على الإخوان المسلمون والسعي إلى إبعادهم عن أخذ نصيبهم في كعكة الثورة وإحتواءهم أو بمعنى أدق تحجيمهم هي السبب الرئيسي في أحداث 54 .
جاءت هذه الثورة التي كانت ثورة مليونية من المصريين بقيادة إخوانية خالصة مطالبة بالديموقراطية وتنحية العسكر عن السلطة وتسليمها إلى الأحزاب والدعوة إلى الانتخابات وغيرها من المطالب المشروعة لأي شعب حر في العالم .
ووقع الإخوان المسلمون في الفخ السياسي الثاني أو الثالث بمعنى أدق ، وطريقة وقوعهم فيه تنم عن غباء حاد في القيادات أو سذاجة وبلاهة مطلقة ، حيث تم صرف هذه المظاهرة عن طريق عبد القادر عودة بعد تعهد النظام بتنفيذ مطالب هذه المظاهرة ، لكن هذا الوعد كان حبراً على ورق .
وجاء يوم 5 مارس 1954 لتبدأ الحرب الحقيقية بين النظام والجماعة ، فدفع الإخوان المسلمون ثمن غباءهم السياسي وثقتهم في وعد الضباط الأحرار المئات من المعتقلين والشهداء داخل السجون ، وفطن النظام المصري إلى نقطتين هامتين بعد هذه المظاهرة تسببتا في خراب مصر السياسي والإنساني حتى وقتنا الحاضر ، النقطة الأولى هي عدم السماح لأي فكر سياسي أن يكون له قوة وتأييداً من الشعب حتى لو استلزم ذلك استخدام كافة وسائل البطش ، النقطة الثانية وهي نقطة أمنية بحتة تطبق من عام 1954 حتى وقتنا هذا وهي عدم السماح لتجمهر المصريين وإن حدثت مظاهرة أو أي نوع من أنواع التجمهر فإنه يجب محاصرتها في مهدها ووأدها قبل أن تستقطب مزيد من المؤيدين .
كان الثمن السياسي الذي دفعته مصر أكبر بكثير من الذي دفعه الإخوان ، فحالة التخلف والاستبداد والفقر والفساد الذي تعانيه الدولة المصرية حالياً هو أهم نتاج وأد ثورة 1954 وما خفي كان أكثر وأعظم .
مروراً بحادثة المنشية 26 أكتوبر 1954 " المفتعلة " اشتدت الحرب على الإخوان من النظام والذي اكتسب تعاطفاً كاسحاً من الشعب المصري المحب لعبد الناصر آنذاك ، حرباً نالت من كثير من شباب الحركة ورموزها على رأسهم المفكر سيد قطب .
شهدت الحركة الكثير من حملات الاعتقال والتضييق والمضايقات الأمنية على مر ما يزيد من 70 عاماً انتهاءً باعتقال 34 عضواً من حركة الإخوان في 23 أكتوبر 2008 الماضي .
قد يكون وصول 88 نائباً من الحركة إلى البرلمان المصري يعد إنجازاً يراه البعض في بدء الزحف السياسي للإخوان نحو السلطة .
لكن المتأمل في الخريطة السياسية المصرية الحالية قد يصاب بالدهشة المفرطة حينما يعلم أن الإخوان المسلمون لا يكاد يخلو مسجد في مصر من سطوتهم وتواجدهم ، ولا تكاد تخلو نقابة أو جامعة أو وزارة من وجودهم المنظم وبأعداد كبيرة ، بل الأكثر من ذلك هو توغلهم في مؤسستي الشرطة والجيش والصحافة والإعلام بأعداد جيدة ، ناهيك عن إنشاءهم العديد من المدارس الخاصة بهم يستطيعون من خلالها تربية النشء على فكرهم واستقطاب المزيد إلى حظيرة الإخوان ، بل الأهم من كل ذلك هو تعاطف عدد كبير من المصريين معهم قد يكون بسبب عوامل تاريخية لعلاقة الإخوان الطيبة مع الشعب وقد يكون بسبب الوازع الديني المكون للشخصية المصرية وقد يكون بغضاً في المستعمرين " الحزب الوطني " وهو ما ظهر في إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة ، بالإضافة إلى امتيازهم بقدرة تنظيمية هائلة لا تكاد أن تكون في أقوى مؤسسات العالم ..كل هذه المميزات تعطيهم أفضلية كاسحة على أي حزب مصري متواجد حالياً .
بالله عليكم هل توجد حركة في العالم كله تمتلك كل هذه المقومات وترتعد فرائسها من عسكري أمن مركزي ؟!
هذا السؤال طرحته على صديق لي يعمل طبيباً وينتمي إلى حركة الإخوان ، عددت له تلك المقومات وسألته مستنكراً عن سر هذه الاستكانة والرضوخ لبطش النظام المصري بهم ؟!
فقال لي : إن منهج التغيير عند الإخوان يبدأ من أسفل السلم وليس من أوله وأن التغيير يحتاج إلى صبر إلخ إلخ ..
قاطعته قائلاً : إذا كان الإخوان يمتلكون القدرة على تخليص مصر من ويلات حكم الحزب الوطني فلماذا الصبر ؟! ، ثم إن الحزب الوطني يحكم مصر بالقوة وليس برغبة الشعب فهو يمتلك الجيش والشرطة ، والشعب أعزل ، وإذا أردت أن تغير النظام فعليك استخدام القوة أو إظهارها بشكل يهز النظام ويزيحه من على ظهورنا .
قال لي مستغرباً : هل تريد أن تغرق مصر في حمام من الدم ؟؟!!
قلت له : ومن قال أني أريد إغراق مصر في حمام من الدم ؟! ، إن النظام المصري هو أضعف وأهون بكثير من ينهار بحمام من الدم ، الأمر فقط يحتاج إلى تعليمات سرية من المرشد العام لكافة رجاله من الجماعة بالخروج في مظاهرة مليونية حاشدة في القاهرة ينضم لها بعض الحلفاء من بعض الحركات المعارضة مثل " كفاية " بالإضافة إلى ألوف المصريين الذين سيتشجعون برؤية هذا الحشد الضخم فينضمون للمظاهرة ، وأعتقد أنه عدد كافٍ جداً ليمنع الشرطة والجيش من التدخل ، وكافٍ أيضاً لارتعاد أوصال كل أقطاب الحزب الوطني فيهربوا إلى خارج مصر حيث أموالنا المنهوبة .
أعفيكم من استكمال الحوار فقد ساق لي صديقي حجج واهية ومبادئ فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع .
الأمر فعلاً مثير للدهشة والاستغراب فإذا كان الإخوان قديماً كان باستطاعتهم تحرير المصريين من قبضة الديكتاتورية والفساد لكنهم فشلوا بسبب غباءهم السياسي فهم الآن أكثر عدداً وتنظيماً وقوة فما الذي يمنعهم من رفع الظلم الذي يقع على كثير من شباب الحركة سواء من إعتقالات أو اضطهاد في المؤسسات التعليمية والوظائف الحكومية ، ما الذي يمنعهم من قيادة الشعب المصري نحو تحريره من قبضة الحزب الوطني والوصول إلى السلطة كما يحلمون " ضمنياً " .
في محاولة تحليلي هذا الوضع الذي يذكرني بحالة اللاسلم واللاحرب بين السوفييت والأمريكيين قديماً استوقفني مشهد في فيلم الإمبراطورة الذي قامت ببطولته الممثلة نادية الجندي والممثل أحمد بدير ..مشهد يوضح كثيراً الوضع إلى عقول المصريين ، ففي هذا المشهد طلب الممثل سامي سرحان من أحمد بدير بإعطاء الشرطة خروف كل فترة حتى يرحموه من مطاردتهم له ويدعوه في شأنه ليبيع المخدرات بحرية ، فسأله أحمد بدير في بلاهة : يعني إيه خروف .. فرد عليه سامي سرحان قائلاً : خروف يعني صبي تبلغ عنه وتخليه يلبس قضية ، فانتفض أحمد بدير بأسلوب المعلم إياه المعروف في السينما المصرية قائلاً له : مش أنا اللي أخون حد من رجالتي ، فضحك سامي سرحان ضحكة إبليس قائلاً : أمال أنت عايز البوليس يبطل شغل ! .. لازم هما يشتغلوا واحنا نشتغل عشان العملية تمشي ..
هذا هو الواقع الحالي للعلاقة بين الإخوان المسلمون والسلطة ، فهم إنتقلوا من مرحلة الغباء السياسي إلى مرحلة مهادنة السلطة والرضوخ لمطالبها ورغباتها في مقابل بعض المكاسب الوهمية التي تتفضل حكومة الحزب الوطني بإلقائها لهم .
ففي مقابل السماح للإخوان بالوصول إلى البرلمان والسماح لهم بالتواجد في النقابات والجامعات وغيرها من المكاسب الوهمية ، فإن الحكومة تطالبهم برؤوس بعض الشباب كل فترة حتى لا يختل المشهد الظاهري الخاص بعداوة السلطة للإخوان ، وتطالبهم بعدم التدخل في مؤازرة عمال المحلة أو إنجاح حركة 6 إبريل وغيرها أو تقديم طلبات إحاطة ذات أهمية في مجلس الشعب ضد رموز الحزب في مقابل ترك قياداتهم بسلام .
كلها صفقات مشبوهة ومقززة تتم من تحت الطاولة بين النظام والإخوان والضحية هي مصر وشباب الإخوان ، فالإخوان يطبقون نظرية الخروف الخاصة بفيلم الإمبراطورة بحذافيرها مع النظام .
انحصر الطموح السياسي والتواجد الاجتماعي للإخوان في الإفيه المصري الشهير " خدوا كل اللي معايا وسيبوني أعيش " ، فتركوا الساحة لجمال مبارك ليبرز فيها وحيداً بأنه فارس مصر القادم وأنه بمؤتمراته السطحية في بعض القرى التي يريد أن يؤكد فيها ارتباطه الوثيق بالطبقات الدنيا في الشعب المصري ، وبأحاديثه الإعلامية الكثيرة التي يحاول فيها أن يبرز كرجل اقتصادي سياسي من الطراز الرفيع ليكسب ثقة المصريين .
وغيرها من الساحات التي بدأ الإخوان ينسحبون منها تباعاً ليحتلها الوريث الذي أجبرهم على التواجد في خانة " اليك " وتنفيذ رغباته ومطالبه كلها من أجل أن يتركهم يعيشون .
وياللعجب أن يخشى القوي سطوة الضعيف وبطشه ، لكن في مصر لا تستغرب شيئاً فالأعاجيب كثيرة والضحية واحدة وهو الوطن .
كما لا يختلف أحد في مصر على أن حركة الإخوان المسلمون هي الحركة السياسية المعارضة الأقوى على الساحة ، بل الأقوى على الإطلاق إذا نحينا الجيش والشرطة المواليين للنظام المصري .
فعلى الرغم أنها عندما بدأت لم تكن في قوة وشعبية موازية لحزب الوفد آنذاك ، لكن دورها الوطني والإقليمي الذي يراه كثير من المصريين " دوراً مشرفاً " جعل من هذه الحركة القدرة على الاستمرار وزيادة الشعبية على مر العقود بالرغم من ضربات النظام لها .
المثير والعجيب في تاريخ الإخوان كحركة سياسية لها حضور طاغي في الأوساط الشعبية المصرية هي تعدد حالات الغباء السياسي في تاريخها بالإضافة إلى سكوتهم الدائم على ضربات النظام لهم بالرغم من قدرتهم على الرد وبقوة أيضاً لما يمتلكونه من قوة بشرية وتنظيمية وتأييد كبير من الشعب المصري .
نعود قليلاً إلى الوراء وبالتحديد إلى مظاهرة 28 فبراير عام 1954 ، تلك المظاهرة التي كانت لها القدرة على تغيير الخريطة السياسية المصرية إلى الأبد وبالتالي الخريطة العربية والإسلامية .
كانت إرهاصات التأزم السياسي بين الضباط الأحرار وحركة الإخوان المسلمون عام 1953 وإنقلاب الضباط ذوي الأيديولوجيات المختلفة عن أيديولوجية الإخوان على الإخوان المسلمون والسعي إلى إبعادهم عن أخذ نصيبهم في كعكة الثورة وإحتواءهم أو بمعنى أدق تحجيمهم هي السبب الرئيسي في أحداث 54 .
جاءت هذه الثورة التي كانت ثورة مليونية من المصريين بقيادة إخوانية خالصة مطالبة بالديموقراطية وتنحية العسكر عن السلطة وتسليمها إلى الأحزاب والدعوة إلى الانتخابات وغيرها من المطالب المشروعة لأي شعب حر في العالم .
ووقع الإخوان المسلمون في الفخ السياسي الثاني أو الثالث بمعنى أدق ، وطريقة وقوعهم فيه تنم عن غباء حاد في القيادات أو سذاجة وبلاهة مطلقة ، حيث تم صرف هذه المظاهرة عن طريق عبد القادر عودة بعد تعهد النظام بتنفيذ مطالب هذه المظاهرة ، لكن هذا الوعد كان حبراً على ورق .
وجاء يوم 5 مارس 1954 لتبدأ الحرب الحقيقية بين النظام والجماعة ، فدفع الإخوان المسلمون ثمن غباءهم السياسي وثقتهم في وعد الضباط الأحرار المئات من المعتقلين والشهداء داخل السجون ، وفطن النظام المصري إلى نقطتين هامتين بعد هذه المظاهرة تسببتا في خراب مصر السياسي والإنساني حتى وقتنا الحاضر ، النقطة الأولى هي عدم السماح لأي فكر سياسي أن يكون له قوة وتأييداً من الشعب حتى لو استلزم ذلك استخدام كافة وسائل البطش ، النقطة الثانية وهي نقطة أمنية بحتة تطبق من عام 1954 حتى وقتنا هذا وهي عدم السماح لتجمهر المصريين وإن حدثت مظاهرة أو أي نوع من أنواع التجمهر فإنه يجب محاصرتها في مهدها ووأدها قبل أن تستقطب مزيد من المؤيدين .
كان الثمن السياسي الذي دفعته مصر أكبر بكثير من الذي دفعه الإخوان ، فحالة التخلف والاستبداد والفقر والفساد الذي تعانيه الدولة المصرية حالياً هو أهم نتاج وأد ثورة 1954 وما خفي كان أكثر وأعظم .
مروراً بحادثة المنشية 26 أكتوبر 1954 " المفتعلة " اشتدت الحرب على الإخوان من النظام والذي اكتسب تعاطفاً كاسحاً من الشعب المصري المحب لعبد الناصر آنذاك ، حرباً نالت من كثير من شباب الحركة ورموزها على رأسهم المفكر سيد قطب .
شهدت الحركة الكثير من حملات الاعتقال والتضييق والمضايقات الأمنية على مر ما يزيد من 70 عاماً انتهاءً باعتقال 34 عضواً من حركة الإخوان في 23 أكتوبر 2008 الماضي .
قد يكون وصول 88 نائباً من الحركة إلى البرلمان المصري يعد إنجازاً يراه البعض في بدء الزحف السياسي للإخوان نحو السلطة .
لكن المتأمل في الخريطة السياسية المصرية الحالية قد يصاب بالدهشة المفرطة حينما يعلم أن الإخوان المسلمون لا يكاد يخلو مسجد في مصر من سطوتهم وتواجدهم ، ولا تكاد تخلو نقابة أو جامعة أو وزارة من وجودهم المنظم وبأعداد كبيرة ، بل الأكثر من ذلك هو توغلهم في مؤسستي الشرطة والجيش والصحافة والإعلام بأعداد جيدة ، ناهيك عن إنشاءهم العديد من المدارس الخاصة بهم يستطيعون من خلالها تربية النشء على فكرهم واستقطاب المزيد إلى حظيرة الإخوان ، بل الأهم من كل ذلك هو تعاطف عدد كبير من المصريين معهم قد يكون بسبب عوامل تاريخية لعلاقة الإخوان الطيبة مع الشعب وقد يكون بسبب الوازع الديني المكون للشخصية المصرية وقد يكون بغضاً في المستعمرين " الحزب الوطني " وهو ما ظهر في إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة ، بالإضافة إلى امتيازهم بقدرة تنظيمية هائلة لا تكاد أن تكون في أقوى مؤسسات العالم ..كل هذه المميزات تعطيهم أفضلية كاسحة على أي حزب مصري متواجد حالياً .
بالله عليكم هل توجد حركة في العالم كله تمتلك كل هذه المقومات وترتعد فرائسها من عسكري أمن مركزي ؟!
هذا السؤال طرحته على صديق لي يعمل طبيباً وينتمي إلى حركة الإخوان ، عددت له تلك المقومات وسألته مستنكراً عن سر هذه الاستكانة والرضوخ لبطش النظام المصري بهم ؟!
فقال لي : إن منهج التغيير عند الإخوان يبدأ من أسفل السلم وليس من أوله وأن التغيير يحتاج إلى صبر إلخ إلخ ..
قاطعته قائلاً : إذا كان الإخوان يمتلكون القدرة على تخليص مصر من ويلات حكم الحزب الوطني فلماذا الصبر ؟! ، ثم إن الحزب الوطني يحكم مصر بالقوة وليس برغبة الشعب فهو يمتلك الجيش والشرطة ، والشعب أعزل ، وإذا أردت أن تغير النظام فعليك استخدام القوة أو إظهارها بشكل يهز النظام ويزيحه من على ظهورنا .
قال لي مستغرباً : هل تريد أن تغرق مصر في حمام من الدم ؟؟!!
قلت له : ومن قال أني أريد إغراق مصر في حمام من الدم ؟! ، إن النظام المصري هو أضعف وأهون بكثير من ينهار بحمام من الدم ، الأمر فقط يحتاج إلى تعليمات سرية من المرشد العام لكافة رجاله من الجماعة بالخروج في مظاهرة مليونية حاشدة في القاهرة ينضم لها بعض الحلفاء من بعض الحركات المعارضة مثل " كفاية " بالإضافة إلى ألوف المصريين الذين سيتشجعون برؤية هذا الحشد الضخم فينضمون للمظاهرة ، وأعتقد أنه عدد كافٍ جداً ليمنع الشرطة والجيش من التدخل ، وكافٍ أيضاً لارتعاد أوصال كل أقطاب الحزب الوطني فيهربوا إلى خارج مصر حيث أموالنا المنهوبة .
أعفيكم من استكمال الحوار فقد ساق لي صديقي حجج واهية ومبادئ فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع .
الأمر فعلاً مثير للدهشة والاستغراب فإذا كان الإخوان قديماً كان باستطاعتهم تحرير المصريين من قبضة الديكتاتورية والفساد لكنهم فشلوا بسبب غباءهم السياسي فهم الآن أكثر عدداً وتنظيماً وقوة فما الذي يمنعهم من رفع الظلم الذي يقع على كثير من شباب الحركة سواء من إعتقالات أو اضطهاد في المؤسسات التعليمية والوظائف الحكومية ، ما الذي يمنعهم من قيادة الشعب المصري نحو تحريره من قبضة الحزب الوطني والوصول إلى السلطة كما يحلمون " ضمنياً " .
في محاولة تحليلي هذا الوضع الذي يذكرني بحالة اللاسلم واللاحرب بين السوفييت والأمريكيين قديماً استوقفني مشهد في فيلم الإمبراطورة الذي قامت ببطولته الممثلة نادية الجندي والممثل أحمد بدير ..مشهد يوضح كثيراً الوضع إلى عقول المصريين ، ففي هذا المشهد طلب الممثل سامي سرحان من أحمد بدير بإعطاء الشرطة خروف كل فترة حتى يرحموه من مطاردتهم له ويدعوه في شأنه ليبيع المخدرات بحرية ، فسأله أحمد بدير في بلاهة : يعني إيه خروف .. فرد عليه سامي سرحان قائلاً : خروف يعني صبي تبلغ عنه وتخليه يلبس قضية ، فانتفض أحمد بدير بأسلوب المعلم إياه المعروف في السينما المصرية قائلاً له : مش أنا اللي أخون حد من رجالتي ، فضحك سامي سرحان ضحكة إبليس قائلاً : أمال أنت عايز البوليس يبطل شغل ! .. لازم هما يشتغلوا واحنا نشتغل عشان العملية تمشي ..
هذا هو الواقع الحالي للعلاقة بين الإخوان المسلمون والسلطة ، فهم إنتقلوا من مرحلة الغباء السياسي إلى مرحلة مهادنة السلطة والرضوخ لمطالبها ورغباتها في مقابل بعض المكاسب الوهمية التي تتفضل حكومة الحزب الوطني بإلقائها لهم .
ففي مقابل السماح للإخوان بالوصول إلى البرلمان والسماح لهم بالتواجد في النقابات والجامعات وغيرها من المكاسب الوهمية ، فإن الحكومة تطالبهم برؤوس بعض الشباب كل فترة حتى لا يختل المشهد الظاهري الخاص بعداوة السلطة للإخوان ، وتطالبهم بعدم التدخل في مؤازرة عمال المحلة أو إنجاح حركة 6 إبريل وغيرها أو تقديم طلبات إحاطة ذات أهمية في مجلس الشعب ضد رموز الحزب في مقابل ترك قياداتهم بسلام .
كلها صفقات مشبوهة ومقززة تتم من تحت الطاولة بين النظام والإخوان والضحية هي مصر وشباب الإخوان ، فالإخوان يطبقون نظرية الخروف الخاصة بفيلم الإمبراطورة بحذافيرها مع النظام .
انحصر الطموح السياسي والتواجد الاجتماعي للإخوان في الإفيه المصري الشهير " خدوا كل اللي معايا وسيبوني أعيش " ، فتركوا الساحة لجمال مبارك ليبرز فيها وحيداً بأنه فارس مصر القادم وأنه بمؤتمراته السطحية في بعض القرى التي يريد أن يؤكد فيها ارتباطه الوثيق بالطبقات الدنيا في الشعب المصري ، وبأحاديثه الإعلامية الكثيرة التي يحاول فيها أن يبرز كرجل اقتصادي سياسي من الطراز الرفيع ليكسب ثقة المصريين .
وغيرها من الساحات التي بدأ الإخوان ينسحبون منها تباعاً ليحتلها الوريث الذي أجبرهم على التواجد في خانة " اليك " وتنفيذ رغباته ومطالبه كلها من أجل أن يتركهم يعيشون .
وياللعجب أن يخشى القوي سطوة الضعيف وبطشه ، لكن في مصر لا تستغرب شيئاً فالأعاجيب كثيرة والضحية واحدة وهو الوطن .
هناك 3 تعليقات:
موضوع المظاهره المليونيه فى 1954 ده مبالغ فيه جدا وهزه المظاهره لم تكن تتشكل من الاخوان فقطبل من اغلب المصريين المحبين لمحمد نجيب اما المظاهره المليونيه فدى ظهرت فى 9 و10 يونيو 1967 وسبتمبر 1970 فى جنازة عبد الناصر....!!!شكراااااا
المظاهرة المليونية هذه حدثت بالفعل وهي تعتبر الاضخم في تاريخ مصر ..مظاهرات 1967 ده مظاهرات تأييد للنظام ومساندة لعبد الناصر في مواجهة تبعات النكسة ومظاهرة 70 ده جنازة مش مظاهرة
اذا كنت بتتكلم عن مظاهرة حقيقية لمعارضة النظام والاطاحة بيه فهي مظاهرة 54 ، وانا لم اقل انها مظاهرة اخوانية خالصة بل قلت بقيادة اخوانية ..وياريتها تمت ماكناش شفنا الغربان مبارك وصحبه ..وعفوااا!!!!
إرسال تعليق