السبت، 10 يناير 2009

الفتــنة الكبـــــرى

حقيقة لا أجد توصيفاً لما يجري في غزة وتداعيتها سوى هذا المصطلح الذي أطلقه الإعلامي أحمد المسلماني على قناة دريم " الفتنة الكبرى " ، فاللعبة التي قامت بها إسرائيل بكل كفاءة واقتدار قد نجحت في بعثرة الموقف العربي والفلسطيني من خلال اتهامات متبادلة حالت دون التحام الصفوف لمواجهة ما تفرضه عليها من تحديات .
الكل مدان في هذه لقضية والكل يتاجر بالدم الفلسطيني لصالحه في مشهد هزلي مقزز لم يمر على تاريخ البشرية ، ذاك المشهد الذي كان بإمكاننا تجنبه لو أن القائمين على حكم مصر ليسو مجموعة من هواة السياسة الفاسدين ، فزيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية لمصر قبل اجتياح غزة بيوم واحد هي من دق المسمار في نعش التوحد العربي ، تلك الزيارة التي اختارتها الإدارة الإسرائيلية باحترافية شديدة ولما لا فقد رشحت لها إحدى أهم مسئولين الموساد السابقين ليقوم بها بحرفية عالية من خلال مصافحات الحرباء ليفني لكل من المعتوهين مبارك وأبو الغيط ، وهنا نقطة مهمة تبين لنا مدى التخلف العربي في اختيار مسئوليه والذي فضحه ذكاء ليفني وغباء حارس دورة المياه " أبو الغيط " .
كان من الإمكان تجنب هذه المجزرة لو أن الإدارة المصرية تعاملت باحترافية وذكاء مع تلك الزيارة والتي وقف فيها " خيال المآتى " أبو الغيط صامتاً وهو يستمع لإعلان الحرب الإسرائيلي يتلى بجانب رأسه من قبل الحسناء ليفني والذي اكتفى صاحبنا بالتحديق في جمالها وتسنيدها ولهاناً بضحكاتها ، ولما لا فهو عجوز معتوه مثل كثير من الحكام العرب على استعداد أن يبيع وطنه في سبيل ضحكة رقيعة يسمعها من نساء بني صهيون.
هذه الزيارة تضعنا أمام احتمالين لا ثالث لهما ، إما أن الاستخبارات المصرية كانت نائمة ولم تبلغ القيادات السياسية بنية الكيان الصهيوني في غزو غزة مما وضع ساسة مصر في موقف حرج باستقبال تلك الوزيرة بحسن نية ، أو أن الاستخبارات المصرية كعهدنا بها دائما استخبارات قوية ووطنية قامت بدورها بتبليغ مبارك وصبيه أبو الغيط لكنهما بغباءهما السياسي وقعا في فخ إسرائيل ، وهنا يجب التنويه على أنه من الممكن أن تمتلك جهاز مخابرات على أعلى مستوى لكن تضيع جهوده بسبب غباء من يحكمون وهذا مثال اتضح في كثير من الحالات وأهمها الـKGB السوفييتية قديماً أفضل جهاز استخبارات عرفه التاريخ والذي كان يعمل تحت إمرة بضع من السفهاء أمثال ميخائيل جورباتشوف ، أو جهاز الاستخبارات البريطاني في إرهاصات الحرب العالمية الثانية .
انتهت الزيارة بمرها ومرها وأصبحت الأمة على اجتياح دموي لغزة الفلسطينية بحجة إطلاق حماس صواريخ " بمب " على أراضي إسرائيل ، وهنا لابد من وقفة أمام حماس تلك الحركة المتناهية الغباء السياسي وذلك بسبب رفضها تمديد الهدنة واعتقادها أنها في قوة مماثلة لحزب الله تستطيع أن توقع الخسائر في إسرائيل مثلما فعل نصر الله مع اليهود ، ناهيك عن غباءهم الغير مبرر في الدخول للانتخابات الفلسطينية قديماً بحجة محاربة الفساد الفتحاوي مما نتج عنه فوزهم بالسلطة وخسارة فلسطين لأي يد دولية قد تمتد لمساعدتها إذا ما حصل لها مكروه كما نجحوا بغباءهم في مساعدة إسرائيل بتقسيم فلسطين إلى دولتين هما غزة والضفة الغربية وهذا ما تحاول مصر متمثلة في عمر سليمان رئيس استخباراتها أن تمنعه .
نحن نعلم أن ألف باء سياسة تقتضي على الحمساويين أن يدركوا بأنهم بسبب وصولهم للسلطة وجب عليهم تخليهم عن السلاح واعترافهم بإسرائيل كدولة ذات سيادة مثلما فعل الفتحاويين قبلهم كي يتمكنوا من التفاوض معها ومع الغرب على حقوقهم ، وهذا السبب هو الذي جعل الحكيم الشيخ ياسين عليه رحمة الله يرفض خوض الانتخابات بالرغم من يقينه بأن الفوز حليف حركته كما الشمس حليف النهار ، ولأنه كان يترك السياسة للفتحاويين والمقاومة للحمساويين حتى تستطيع أن تضغط على عدوك بكل الأوراق المتاحة ، أما الآن فقد خسرت فلسطين كل أوراقها بعراك الدجاج بين حماس وفتح على سلطة لدولة غير معترف بها ! .
لا أعلم حقيقة من هو الطرف الذي أجج في رأس هنية رفض التهدئة وأقنعه بقدرته على هزيمة إسرائيل بسلاح بدائي لا يستطيع صد جيش مدغشقر ناهيك عن إحدى أهم القوى العسكرية في العالم ؟! ، ولما لم يقم أحد بإفهام هنية حقيقة موقفه العسكري الذي يكاد يعادل صفراً فهو يستورد سلاحه من حكومة حليفة للغرب وإسرائيل ألا وهي حكومة مصر عن طريق الأنفاق ، ذاك السلاح الذي وجوده مثل عدمه ، على عكس حزب الله الذي فتحت له خزائن السلاح السوري والإيراني خلال سنين طوال .
وماذا كانت المحصلة أكثر من ثمانمائة شهيد فلسطيني ، وأربعة آلاف جريح ، ناهيك عن حجم الخراب والتدمير الذي أصاب البنية التحتية بغزة .
وبعد أن توصل العرب في مجلس الأمن بقرار لوقف إطلاق النار فوجئنا بالحمساويين يرددون كلام وزير خارجية سوريا وليد المعلم بأنهم لن يوافقوا على اتفاق ليسوا طرفاً فيه ، بالله عليكم هل هذا كلام عقلاء ؟! ، ما هذه المكابرة التي تمارسها حركة حماس على حساب الدم الفلسطيني من أجل تحقيق مكاسب مستحيلة من خلال اعتراف العالم بهم كحكومة فلسطينية ، أو انتصار وهمي من خلال إقناع الراي العام العالمي بأن حماس أجبرت إسرائيل على طلب وقف إطلاق النار من خلال قتلها لإسرائيليين لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين في حين قتلت الأخرى المئات !!.
نأتي للدور العربي الذي انشق لفسطاطين أحدهما يهاجم مصر والآخر يدافع عن سياسات الاعتدال المتمثلة في مهادنة إسرائيل وطاعة أمريكا ، فخرجت علينا مظاهرات مليونية في سوريا حاملة صور للأسد بشار ويسبون النظام المصري ويدعون للمقاومة في حين أن الجولان لم تطلق فيها رصاصة منذ ما يزيد عن ثلاثون عاماً ناهيك عن اختراقات الطيران الإسرائيلي كل شهر تقريباً للحدود السورية وصولاً إلى دمشق دون تعرضها لبطارية دفاع جوي واحدة ! ، كما خرجت علينا المظاهرات في قطر المطالبة بالنصرة لإخوانهم في غزة في حين أنه لم يقم قطري واحد بالمطالبة بخلع العائلة الحاكمة القطرية التي تتمرغ يومياً في التراب اليهودي طالبة ود الكيان الصهيوني ، خرجت علينا أيضاً المظاهرات في اليمن واقتحم اليمنيون القنصلية المصرية في حين أن اليمن ارتعدت من إريتريا قديماً ولم تستطع مواجهتها بينما يطالب شعبها الآن بمحاربة إسرائيل ! ، كما خرجت علينا المظاهرات في المغرب تطالب بالثأر من إسرائيل وخرج المغاربة المقيمون في بلاد أوروبا بمهاجمة السفارات المصرية في حين أنهم لم يطلقوا رصاصة واحدة على أسبانيا التي تحتل سبتة ومليلة أو يهاجموا سفاراتها ، وكذلك الأردنيون خرجوا في مظاهرات تسب مصر وحكومتها وتهاجم سفارتنا بالأردن في حين لم يقم أردني واحد بمهاجمة الملك القزم عبد الله الخائن ابن الخائن حفيد الخائنين ومواقف عائلته يذكرها التاريخ بكل قذارتها ، حتى السودانيين خرجوا بقيادة البشير المظفر في مظاهرات مليونية لمهاجمة مصر والصمت العربي والإسرائيليين ولم يقوموا بخطوة إيجابية واحدة تجاه بلدهم الخرب من كل أنواع الحروب والصراعات ، مئات من المواقف المتناقضة شقت الصف العربي بسبب غباء الموقف الرسمي المصري ، وانقاد العرب بغوغائية شديدة تجاه سب بعضهم البعض تاركين العدو يمرح ويسرح بطائراته فوق سماء غزة كما خطط وحسب سابقاً .
نأتي للمعسكر السوري الإيراني الذي استغل ما يحدث بقذارة وقحة ليجبر الغرب على التعامل معه واعتباره لاعباً أساسياً في أحداث الشرق الأوسط مما سيجنبهم الغضب الأمريكي مستقبلاً وهذا ما يتضح جلياً في الدور الإيراني الذي تلعبه في العراق وسوريا والبحرين ولبنان وحماس ، وزيارة ساركوزي لسوريا ومطالبته إياها بالتدخل ، وهذا لا يعيب إيران وسوريا سياسياً بمحاولة التخلص من مشاكلهم الخارجية ورميها على أكتاف العرب وإنما يعيبهما أخلاقياً ..لكننا في زمن مسخ لا مكانة فيه للأخلاق لذا لا داعي للومهما .
نأتي للدور المصري المهترئ والذي ينحدر يوماً بعد آخر بسبب إهمال القيادة المصرية الدور الخارجي مكتفية بصراعاتها مع المعارضة وكبتها للحريات من أجل تمهيد الطريق للوريث جمال مبارك .
واحسرتاه على السياسة الخارجية المصرية التي كانت في أوج قوتها في العصر الناصري حين كانت مصر قائدة العرب الفعلية التي لا تستطيع أي دولة عربية شق عصا أمرها ، أو إفريقياً حيث سيطرت مصر سياسياً على القارة اللهم عدا دولة أو دولتين ، ناهيك عن فرض احترامنا على الغرب من خلال حركة عدم الإنحياز التي أسسها ناصر مع الزعيم الهندي نهرو أو من خلال اشتراكنا بفعالية في صراع القطبين بعد المساندة اللامحدودة التي لقيتها إسرائيل من الولايات المتحدة آنذاك ، ولا يعيب عبد الناصر خسارة معاركه الحربية بجيش لدولة نامية فرض عليه القتال أمام أعتى القوى العالمية عدة مرات ، وكذلك كان السادات الذي كان يلعب بأوراقه السياسية الواقعية باحترافية شديدة وإن كان يعيبه رضوخه في بعض الأحيان لمطالب الشيطان الأمريكي من أجل تحرير آخر شبر في سيناء كما يعيبه طعن الاتحاد السوفييتي في ظهره في التحالف السري الذي شارك به خلال الحرب الأفغانية ضد السوفييت .
أما الآن فأمن مصر القومي مدمر عن آخره ولننظر إلى الخريطة السياسية المصرية الممتدة جنوباً عبر عمقها الإفريقي لنجد أن دارفور في يد الأمريكان والإسرائيليين بسبب تخاذلنا في مساندة الحكومة السودانية وخلافاتنا معها المتعددة مما جعلها تخسر أمام قوى المعارضة السودانية المتحكمة في الجنوب وهذا سيشكل تهديداً على السد العالي ونهر النيل هذا إذا أضفنا له التحالف الإثيوبي الإسرائيلي ، دعونا ننتقل يميناً قليلاً تجاه القرن الإفريقي حيث تقبع أكبر قاعدة أمريكية في إفريقيا وهي التي في جيبوتي حيث يوجد بها أكثر من 2000 جندي أمريكي مجهزين بكافة الأسلحة ، ناهيك عن قراصنة الصومال وتهديدهم لأمن مصر الاقتصادي المتمثل في قناة السويس وهذا ما اتضح في انخفاض إيرادات مصر من القناة في آخر 3 شهور من عام 2008 كما ذكر رئيس هيئة قناة السويس في تقريره السنوي ، وإذا جنحنا يميناً سوف نجد التهديد الإسرائيلي والذي كانت كل حروبنا معه في العصر الحديث والذي لا يجب الإرتكان إلى أي معاهدة سلام معه كصك أمان من شروره بل المدهش أن يجنح النظام المصري لأبعد من ذلك في بيعه الغاز المصري بثمن أقل من ثمنه الذي يبيعه للمصريين أو من الثمن العالمي بالرغم من حكم محكمة القضاء الإداري مرتين ببطلان تلك الاتفاقية ناهيك عن الكويز والسياح الإسرائيلين الذي يدخلون إلى بلادنا دون أي عقبات كأنهم يتنقلون بين حيفا ويافا بالإضافة لهذا التهديد العسكري هناك تهديد طبيعي ومالي متمثل في سعي كل من إسرائيل والأردن لشق قناة موازية لقناة السويس في خليج العقبة مما قد يتسبب في كوارث طبيعية على جبال سيناء وبالتالي حدوث الزلازل ناهيك عن تفضيل الغرب التعامل مع إسرائيل عنه عن مصر وبالتالي خسارتنا اقتصادياً ، نروح شمالاً لنجد أمامنا قارة أوروبا التي دائماً ما ذكر لنا التاريخ أن معظم الاجتياحات لمصر جاءت عن طريقها ابتداءً بالرومان مروراً بالحروب الصليبية والحملات الفرنسية انتهاءً بالاحتلال البريطاني الذي تم إجلاءه منذ 60 عاماًَ فقط ، بالإضافة لخطر طبيعي متمثل في غرق مدن الدلتا بعد فترة لا تتجاوز العشرون عاماً كما حذر علماء جيولوجيون مصريون كثيرون بما فيهم الدكتور فاروق الباز بسبب الانهيارات الجليدية التي ستحدث في القطب الشمالي ، ننتقل غرباً إلى الجماهيرية العظمى والتي لا أعلم أي سبب لعظمتها ، التي كان المارينز الأمريكي في الثمانينات يقوم بعمليات إنزال دورية داخل أراضيها ليغتال من يشاء والتي أصبحت الآن مهادنة للأمريكان بعد ما سلم لهم مفاعل ليبيا النووي ودمر كل أسلحته الكيماوية العقيد الذي لم يخض حرباً في حياته الفارس المغوار الملهم معمر القذافي.
هذا هو واقع الأمن القومي المصري المؤسف والذي يعلمه القاصي والداني لكن مبارك لا يفزع لشيء سوى عند سماعه بوجود أحد يعارضه لم يتم القبض عليه أو أن حجم ما ينهبه سنوياً هو ورفاقه من بلادنا قد قل شيئاً قليلاً .
نعود إلى الرئيس مبارك الذي ارتعدت فرائسه من خطاب نصر الله الذي وجهه للشعب والجيش المصري مطالباً إيانا بالإنقلاب على ذاك الطاغية ، لنجد الرئيس المصري يرد بخطاباً على خطابه مدعياً فيه البراءة والوطنية وهو من لم نره يلقي علينا مثل تلك الخطابات من قبل في حوادث أكبر فاجعة من أحداث غزة مثل حادثة العبارة التي ترك ضحاياها الألف ومائتين يموتون في البحر وهرَّب مالكها ليجلس بكل وقاحة في إستاد القاهرة يتابع لقاء منتخبي مصر والسنغال في أمم 2006 ، أو حادثة انهيارات تل المقطم وموت أهالي الدويقة أو حتى في أحداث خارجية مشابهة لما يحصل في غزة مثل أحداث لبنان 2006 والتي أدين فيها النظام المصري مثل ما يحدث الآن لكنه لم يخرج بخطاب مثل خطابه الذي رد فيه على خطاب نصر الله خوفاً من أن يسعى الجيش المصري في الإنقلاب عليه .
وبعيداً عن خطاب مبارك الذي أضاف له خطاباً آخر أكثر سخافة عن معبر رفح وتمسكه باتفاقية 2005 ، كان أداء أبو الغيط كارثياً وهزلياً طوال فترة الأزمة وكان أقل وزراء خارجية العرب والعالم فهماً ووعياً لما يقوله أو ذكاءً في تحركاته .
كل هذا يحدث والدم الفلسطيني هو الثمن الذي يدفع يومياً ، العرب يتصارعون فيما بينهم من أجل الخلاص من ذنب هذا الدم بينما تتصارع حماس وفتح على أشلاء دولة تمزقت تحت القصف في محاولة دؤوبة لكل منهما في إقصاء الآخر ، بينما أداء السياسة المصرية لا يقل تخلفاً وفساداً عن أداءها الداخلي ، ولك الله يا شعب غزة .

زمــن المســــــــــخ

حقيقة لا أستطيع أن أنكر أن أول ما شعرت به نفسي بعد رؤيتي لما بثه المدعو شوبير من سموم هو قرف شديد ..القرف من انتمائي لتلك الحقبة البائسة من تاريخ مصر ، تلك الحقبة التي صار فيها مبارك رئيساً وابنه وريثاً وأضحى فيها يوسف والي وإبراهيم سليمان وفاروق حسني وصفوت الشريف وزراءً وحصل فيها أمثال شوبير على مقاعد في مجلس الشعب ، تلك الحقبة التي لا تحمل سوى شعار واحد وهو " ذل مصر " كما قال عنها الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل .
كم تمنيت أن أكون منتمياً لجيل 73 أو جيل الثورة أو جيل 19 أو حتى جيل 67 ولا أن أكون منتمياً لتلك الفترة البائسة من تاريخ مصر التي خون فيها الأمين وولي علينا فيها الفاسدون .
كم تمنيت أن أخلق قبل أن يوجد هذا الحزب الذي لا يرقب أعضاءه في الله إلاً ولا ذمة ، والذين لا يتورعون في نهب مصر وقتل شعبها وسجن مواطنيها دون ذنب ناهيك عن تلفيق التهم دون أي سند .
بالأمس خرج شوبير تلك الحية الرقطاء التي بليت بها الرياضة المصرية مثلما بليت في كل أوصالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بكثير من أقرانه بالعديد من التهم التي كالها لرابطة الألتراس الأهلاوية دون رجفة جفن أو إهتزاز ضمير .
أخذ يرددها على مسامع المشاهدين بحرفية مطلقة تعودناها منه في الكذب والتدليس .. ولما لا فهو بلطجي انتخابات مجلس الشعب كما ذكرت " الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان " في تقريرها المؤرح بـ20 نوفمبر 2005 حينما ذكرت ( وفى دائرة طنطا بالغربية قام أنصار مرشح الحزب الوطني أحمد شوبير بضرب مرشح الاخوان المسلمين أمام مدرسة سيد العريان ما أدى الى اشتباكات قامت الشرطة على أثرها باغلاق مركز الاقتراع لمدة ثلاث ساعات ) .
http://anhri.net/egypt/makal/2005/pr1120-3.shtml
ولما لا فهو لص تذاكر كأس أمم 2006 والمتاجر في دماء ضحاياها الذين قتلوا في محاولة شراءها كما تقدم في شهر يونيو 2006 النائب محمد حمدي المتحدث الرسمي عن جماعة الإخوان المسلمين بطلب إحاطة لرئيس مجلس الشعب المصري د. أحمد فتحي سرور لمناقشة الإتهامات الموجهة ضد أحمد شوبير عضو البرلمان عن دائرة طنطا ( مسقط رأسه ) و نجم الأهلي و المنتخب الوطني سابقاً و نائب رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم سابقاً و المتورط في مخالفات بيع تذاكر بطولة كأس الأمم الافريقية الاخيرة في السوق السوداء باضعاف سعرها الحقيقي .وكان سائق الكابتن أحمد شوبير قد اُلقى عليه القبض من قِبل جهات أمنية كانت تتولى التحقيق في إختفاء التذاكر من منافذ بيعها .. و قد زج باسم الكابتن احمد شوبير في التحقيقات، إلا ان شوبير أنكر معرفته بافعال سائقه و قال انها افعال شخصية لم يكن على علم بها ، لكنه لم يفسر كيفيه حصول سائقه على هذا العدد الضخم من التذاكر.
وقد أكد البعض ان تلك الفضيحة هي سبب عدم حضور احمد شوبير للتكريم و الاستقبال الذي اقامه الرئيس للمنتخب وأعضاء اتحاد الكرة بعد يومين من الفوز التاريخي باللقب الافريقي للمرة الخامسة.. بينما أكد البعض ان رئيس الجمهورية هو الذي طلب بنفسه عدم حضور شوبير بعد الاساءة البالغة التي تسببت بها السوق السوداء لتذاكر بطولة كأس الأمم و التي أثرت بالسلب على التظيم الرائع للبطولة !!
المصيبة أننا نجد شوبير يتحدث عن عن أمن مصر وشعب مصر وهو الذي سعى في هدم بيوت حي الغفران بقحافة من أجل مصلحته الشخصية وسأورد نص ما حدث في تلك الفترة كاملاً : ( في مساء الاثنين 3/4/2006 ورد لفضيلة الشيخ السيد عسكر نائب طنطا اتصالا هاتفيا من مكتبه الرئيسي بطنطا وأخبره بما حدث - في حي الغفران بقحافة - من هدم للبيوت وإنذار بهدم باقي البيوت في اليوم التالي وأكد ذلك الاتصالات الكثيفة التي تلقاها سيادته من أهالي المنطقة وطالبوا فضيلته بالمجيء إلى طنطا لوقف الظلم الواقع عليهم فأكد لهم السيد النائب أن وجوده في المجلس سيكون أجدى للقضية. ونستمع إلي تفاصيل الموضوع من السيد النائب شخصياً : بمجرد أن وصلتني الأخبار تقدمت إلي المجلس ببيان عاجل محذرا من حدوث اضطراب أمني خطير إذا تم هدم بقية المنازل وأن ما حدث مخالف للقانون ولا يجوز هدم أي بناء إلا بحكم قضائي وعرض هذا البيان في الجلسة المسائية من يوم الثلاثاء 4/ 4 فقمت ووضحت الأمر وفوجئت بأن رئيس المجلس قدم بعدي مباشرة النائب أحمد شوبير, ظننت في بادئ الأمر أنه قام ليدعم موقفي ويدافع عن أهالي طنطا ولكني فوجئت بأنه قام مدافعا عن الحكومة ومكذبا لما أقول زاعما أنه اتصل بالمسئولين في طنطا وأخبروه بأنه لم تحدث أي إزالة لأي بيوت وإنما هو قرار من المحافظ بهدم عشش فراخ حماية للمواطنين من إنفلوانز الطيور و حاول تأكيد كلامه بأن الشرطة في طنطا مشغولة بمباريات دورة الترقي , فقمت بعده مباشرة وقلت لا تعليق لي على ما قاله الزميل وأنا في انتظار رد الحكومة لكي أحاسبها على ما تقول فقام السيد الدكتور مفيد شهاب ممثل الحكومة وذكر أنه لم يحدث أي اضطراب أمني وأنه هناك بعض التعديات على الأرض الزراعية في أربعة عشر موضعا في حي الغفران وأنه تم إزالة ثلاثة عشر نقطه منها وهي عبارة عن بعض القواعد و الأعمدة الخرسانية والحكومة معنية بتنفيذ القانون حفاظا علي هيبته , فقمت بعده مباشرة وقلت هاهي الحكومة تعترف بارتكاب الجريمة وأن الأمر لم يكن عشش فراخ ..!! وطالبت بوقف إجراءات هدم أي مباني جديدة وطالبت لذلك بتعويض من هدمت منازلهم.
وبدأ النقاش يحتد فقام د/ سرور بإحالة الموضوع إلي لجنة الإدارة المحلية للبت في الموضوع و اتخاذ قرار في مساء نفس اليوم اتصل أحد المواطنين من المتضررين وسألته عما جرى بالأمس فأخبرني بأنه كان في منزله وأنهم أرادوا هدم المنزل وأصر على البقاء فيه فطلبوا منه أن يخرج وأنهم سيضربون جدرا واحدا وينصرفوا فصدقهم ونزل فهدموا المنزل فقلت له هل معك إيصالات كهرباء وخلافه ، فقال نعم في يوم الأربعاء فوجئت بتليفون من المجلس بأن الموضوع معروض على لجنة الإدارة المحلية صباح الخميس الساعة العاشرة والنصف فاتصلت بطنطا وكلفت مكتبي بإحضار الملف الكامل للموضوع متضمنا دراسة قانونيه و تصوير الموقع بالصوت و الصورة لعرضه علي اللجنة و جمع فواتير الخدمات للبيوت المتضررة و كذلك فواتير الجيران و طلبت سرعة إرسال الملف بالكامل قبل التاسعة من صباح الخميس و بالفعل كان الموضوع معي متكاملا في الموعد .
و بالفعل انعقدت اللجنة صباح الخميس ووجدت أن كثير من النواب تقدموا بطلبات مماثلة عن هدم منازل في مناطقهم وبدأ البعض الذي يسبقني في الترتيب في الحديث وبدأت المناقشات تدور ، وكان حاضرا السيد الأستاذ سكرتير عام المحافظة و السيد المهندس وكيل وزارة الزراعة بالغربية وبعد ساعة من المناقشات كان موقفنا نحن النواب تأجيل المناقشة لحين حضور الوزراء المعنيون أنفسهم و ليس وكلاء الوزارة وطالبت بذلك ليتم اتخاذ القرار في اللجنة .
وقبل إنهاء اجتماع اللجنة فاجأت الجميع بتقديم خريطة مساحة تثبت أن المنطقة التي تمت فيها الإزالة في طنطا ضمن الحيز العمراني للمدينة وليست أرضا زراعية , وقلت للحاضرين هذه مفاجأة أولى وأؤجل باقي المفاجآت لحين انعقاد اللجنة وأخيرا أحب أن أنوه أن النائب أحمد شوبير قد حضر هذه اللجنة أيضا ولكنه لم ينطق بكلمة واحده وانصرف سريعا ، هذا وقد نشر الموضوع بتفاصيله بجريدة الأهرام المسائي يوم الأربعاء 5/ 4/ 2006م ) .
http://www.gharbiaonline.com/main/main_page_nwab.asp?NewsID=1539
بالطبع المذكور يكشف عن قبح بشع في نفس هذا التعيس الذي لا يتوانى للحظة في إيذاء أي أحد من أجل مصلحته الشخصية ، والغريب أننا نجده يتكلم عن النزاهة وهو صاحب سبوبة الدوري في دريم سابقاً وقناة الحياة حالياً ، ناهيك عن حربه الشعواء ضد قناة الأهلي من أجل تهديدها لمصالحه المادية .
والأغرب أننا نجده يتكلم عن الثبات على المبدأ وكلنا نتذكر بيت الشعر إياه الذي قاله عن جماهير وإدارة الزمالك في حديثه التليفوني العصبي إثر سباب جماهير الزمالك له بشكل جماعي بسبب خلافه مع ممدوح عباس وقتها، ثم كيف أصبح بين ليلة وضحاها الحصن الأول والأخير للدفاع عن ممدوح عباس ومصالحه ومهاجمة كل من يهاجمه ! ، وأترككم مع هذا المقال الهام جدا للأستاذ عصام شلتوت في جريدة العربي والذي يوضح فيه عمق العلاقة بين عباس وشوبير .
(
http://www.al-araby.com/docs/article3604.html )
كما أنه من الغريب أننا نجده يتكلم عن الإخلاص وهو من قام بعض يد النادي الذي تربى فيه قديما بما فعله مع الراحلين صالح سليم وثابت البطل مروراً بما قام به تجاه مدرب الفريق البرتغالي جوزيه وافتعاله للأزمات مثل أحاديثه السابقة عن هروب الرجل وعن تناسي لاعبي وإداريي النادي الأهلي للراحل محمد عبد الوهاب في حركة إعلامية رخيصة واستغلاله احتراف شوقي للهجوم على جوزيه واستغلاله لمنصبه باتحاد الكرة لوضع العراقيل أمام النادي الأهلي من أجل إرضاخ إدارته لمطالبه الدنيئة وكلنا يتذكر ما فعله في نهائي 2006 من رفضه لتأجيل مباراة انبي التي طلبها الأهلي بسبب لعبه للنهائي في تونس ... انتهاءً بحلقة الأمس التي كانت كلها بث للسموم من أجل كسر شوكة الأهلي ابتداءً بتضخيمه لحادثة رامي عادل وسعيه في زيادة نيرانها مروراً بمستوى حسين ياسر الرائع مع منتخب قطر في رسالة ضمنية يبثها الحقود إلى اللاعب كي يثور على ناديه بالإضافة إلى استضافته طارق العشري مدرب الحرس في محاولة جره لوحل القذارة الذي يسعده في التهكم على مستوى الأهلي ومدربه وجمهوره لكن المحترم طارق العشري فوت عليه تلك الفرصة .
هذا هو شوبير آفة الوسط الرياضي والسم الذي يجري في عرق الكرة المصرية الذي خرج علينا بالأمس مرتدياً عباءة الشرفاء وهي لا تليق بما قام من فضح ستر بعض الشباب مستغلاً ما قاموا به في حياتهم " الخاصة " في تشويه صورة كيان اسمه الألتراس الأهلاوي ، بل أنه لم يكتفي بذلك ودس وسط تلك الصور المشينة أحاديث وصور مفبركة ليزيد الطين بلة في حركة رخيصة تعودناها منه ، وتخطى ذلك متهماً إياهم في دينهم وإيمانهم بربهم إما عن جهل أو استغلالاً لجهل بعض مشاهديه .
إذا كنت يا سيادة النائب تقول أن هؤلاء مروجون للمخدرات ومتعاطين لها لما لم تقدم ما تمتلكه من دلائل إلى النائب العام كي تتم محاكمتهم بدلاً من لجوءك إلى حركة رخيصة واستغلال منصبك وعلاقتك بالداخلية من أجل اعتقال ( أطفال لم يتجاوزوا الثامنة عشر من عمرهم ) دون تهم ، لا ذنب لهم في الحياة سوى أنهم رفضوا الانقياد لك والهتاف باسمك ضد جماهير الزمالك التي مسحت بك سابع أرض ( ولها كل الحق ) .
هل هذا يا سادة إعلام يسعى إلى رقي المجتمع ، نحن الآن في زمن المسخ كما قال الدكتور علاء الأسواني في رواية عمارة يعقوبيان ، نحن في زمن فبركات هالة سرحان وكذب شوبير ، نحن في زمن يبيعنا فيه الإعلام التعصب والبغضاء والسفالة ، نحن في زمن انقرضت فيه الضمائر وتلذذ التعساء بنسج الفتن .
من الممكن جداً يا شوبير أن يستفيد البعض من تكنولوجيا العصر كي يصمموا لك صوراً فاضحة أو يختلقوا لك أحاديث بذيئة ، لكن خوفهم من حساب رب العزة أوقفهم عن فعل ذلك ، ذلك الخوف الذي لم يعرف طريقه إلى قلبك الأسود .

* ملحوظة :
أنا لا أنتمي لأي رابطة من روابط الأهلي ولا أواظب على حضور المباريات بسبب ظروف عملي ، لكني حضرت مبارتي الأهلي مع الزمالك اللتان أقيمتا في شهر يوليو الماضي ولاحظت شيئاً عجيباً والله شاهد على كلامي ، أني رأيت جماهير الزمالك تقف أمام مطعم الشبراوي بشارع صلاح سالم مختلطة مع جماهير الألتراس الأهلاوي دون أن يمس أحدهم الآخر وعندما جلست وسط الأتلراس في الدرجة الثالثة بهرت بقوة تشجيعهم وحماسهم الشديد وإخلاصهم للنادي ، نعم قد يسبون أحياناً لكنهم ككل جماهير مصر يسبون وهذا أقصى شغب يستطيعون فعله ، وليس كما قيل عنهم من هذا الآفاق المدعو شوبير ..
* ملحوظة أخرى : من قبض عليه في استاد إسماعيلية وبحوزته الهيروين كان خارج الاستاد وليس في داخله كما كان يروج شوبير بأكثر من حلقة سابقة وكان من طنـــطـــا ( والحدق يفهم ) ..

الجمعة، 19 ديسمبر 2008

دعوة للمصــارحة لا المكــابــرة

انتهت بطولة اليابان بمرها ومرها للأهلي دون أن تمتد ولو قليلاً لما يتناسب مع آمال جماهيره العريضة أو ما يستحقه لاعبوه من إمكانيات ، انتهت وطوت صفحتها وحان الدور للتنقيب عن الأخطاء والخلل للمعالجة والنهوض من جديد ، لكن هذا التنقيب لن يحدث إذا ما ظللنا نردد التبريرات الساذجة لما تعرضناه من هزائم في اليابان .
علمتنا كرة القدم أن الهزيمة هي لخطأ في صفوف المنافس استغله الخصم لإحراز الفوز ، هذه هي قواعد اللعبة مهما كان قوة طرف على حساب آخر ، فالذي يستغل أخطاء منافسه يفوز حتى ولو كان منافسه هم راقصو السامبا .
خرج علينا كابتن النادي الأهلي بتصريح لا أستغربه عنه بعد ما قاله عقب هزيمة الأهلي من باتشوكا من مجاملة لمديره الفني وتحميل نفسه وزملاءه تقصير ليس لهم يد فيه ..تصريح عجيب لا يقوله لاعب كرة قدم ناهيك عن كابتن وقائد أعرق أندية إفريقيا والعالم حيث قال : ( أن الأهلي خسر من باتشوكا لأنه الفريق الأقوى والأسرع ، وأن المتربصين في مصر خرجوا ليغتالوا اللاعيبين بأقلامهم وأفواههم عن طريق الإعلام بسبب تلك الخسائر وهو يتوعدهم بالرد عندما يعود إلى مصر ) .
الشق الأول من التصريح هو كارثة بأدق ما تحمله الكلمة من معنى عندما يظن كابتن النادي الأهلي ولاعب منتخب مصر أن خسارة الأهلي من باتشوكا جاءت لأن المكسيكيين الأقوى والأسرع !!
منذ متى يا سادة يتم تحليل خسارة فريق من فريق آخر بسببه قوة الطرف الفائز ؟! .. إذا كانت كرة القدم تحسم بالأقوى لانسحب برونو ميتسو بمنتخب السنغال من مواجهة الديوك بافتتاحية مونديال 2002 ، أو لما فازت اليونان مع الألماني أوتو ريهاجل بكأس أوروبا 2004 وهي الفريق الأضعف على الإطلاق بين منتخبات القارة العجوز ، أو ما فاز بورتو البرتغالي بمدربه مورينيو بكأس دوري أبطال أوروبا وهو فريق أضعف بكثير من منافسيه بالبطولة أمثال الميلان والريال والبارسا والمان وغيرهم ، أو ما وصل فريقين مثل تركيا وروسيا للمربع الذهبي في بطولة أوروبا الماضية .
ولما نذهب بعيداً ؟! ، فلنتذكر تعادل مصر مع المكسيك ببطولة القارات التي فازت بها الأخيرة عام 99 بنتيحة 2/2 مع الجوهري ، ثم هل كان منتخب مصر يا كابتن شادي الأقوى بين منتخبات إفريقيا 2008 حتى يفوز بالبطولة ، هل منتخب مصر كأفراد أفضل من منتخب ساحل العاج الذي هزمناه برباعية وأداء ولا أروع كنت أنت أحد أبطاله ؟!
القوة يا كابتن شادي ليس لها مكان حالياً في كرة القدم ، فلعب 90 دقيقة باستبسال وتكتيك محترم يقودك للفوز مهما كان خصمك وقد سقنا بعض الأمثلة والتي لا حصر لها في عالم كرة القدم .
ننتقل إلى الشق الآخر من القوة وهي القوة التي يقصدها ضمنياً الكابتن شادي من مهارة لاعبين وخبرات ، ولا أعرف حقيقة هل ينقص الأهلي لاعبين مهرة أو خبرات ؟!
وللرد عليه سأقوم بجولة سريعة على لاعبي الأهلي من الهجوم لحراسة المرمى حتى نعلم إذا كان الأهلي ينقصه بالفعل اللاعبين المهرة الذين باستطاعتهم التفوق على فريق مثل باتشوكا أم لا ، ففي الهجوم يوجد الأنجولي فلافيو وهو لاعب لعب 3 بطولات لليابان ومثلها بالعدد من دوري أبطال إفريقيا ناهيك عن مشاركته مع منتخب بلاده بمونديال ألمانيا وإحرازه للهدف الوحيد ومشاركته بآخر بطولتين قارتين لمنتخب بلاده وإحرازه للأهداف معه ، وبالوسط يوجد أبو تريكة اللاعب المرشح للمرة الثانية بين خمسة لاعبين عمالقة للقب أفضل لاعب بأفريقيا متفوقاً على أسماء لا حصر لها تلمع في سماء أوروبا ناهيك عن بطولاته مع المنتخب والأهلي وقيادته للفريق لإحراز المركز الثالث بمونديال اليابان 2006 ، نأتي للزئبقي بركات اللاعب الذي احترف بالسعودية وقطر ولعب لأندية جماهيرية مثل الاسماعيلي والأهلي وأحرز معهم البطولات كما أنه أحد أهم لاعبين إفريقيا 2006 ، أحمد حسن الحاصل على 3 ألقاب قارية مع المنتخب ولعب بأقوى البطولات الأوروبية من دوريات محلية لبطولات قارية ، حسام عاشور الحاصل على بطولات تقارب ربع ما حصل عليه نادي بحجم الزمالك ، أحمد فتحي الحاصل على بطولتي إفريقيا أمام أعتا لاعبي العالم وإفريقيا والذي وصل مع الإسماعيلي لنهائي دوري الأبطال قبل خسارته من أنييمبا واحترف بشيفيلد يونايتيد الإنجليزي ولولا تدخلات عباس بنادي شيفيلد ماعاد من رحلة احترافه ناهيك عن فوزه مع الأهلي مؤخراً بدوري الأبطال ، جلبرتو أحد أفضل الباكات اليسار بإفريقيا وحاصل مع الأهلي على بطولات كثيرة قارياً ومحلياً وشارك بتأهل منتخب بلاده لمونديال ألمانيا وحصل على أحسن محترف أنجولي عام 2005 من اتحاد بلاده ، وائل جمعة صخرة الدفاع أحسن مدافع في إفريقيا على مدار 4 سنوات وأحمد السيد أسرع وأقوى مدافع مصري حالياً وأنت معهم يا كابتن شادي أكثر كابتن للنادي الأهلي حصداً للبطولات ناهيك عن حصولك على كأس الأمم 2008 مع المنتخب ، أما أمير فهو نقطة ضعفنا لكنه على ضعفه هذا فقد تم استدعائه للمنتخب على حساب حراس كثر ، ناهيكم عن الاحتياطي بوجود هداف الدوري سابقاً أحمد حسن دروجبا وظهير منتخب مصر بـ 2008 وأفضل لاعب بالاسماعيلي سيد معوض وأفضل لاعب صاعد العجيزي والدولي القطري حسين ياسر اللاعب الذي مر على أندية أوروبية كثيرة قبل أن يستقر ترحاله في نادينا ومعهم رمزي صالح الدولي الفلسطيني .
إذا بالله عليكم هل هذا فريق لا يوجد به لاعبون مهرة قادرون على الفوز على فريق ضعيف في بلاده مثل باتشوكا ؟! ..هل هؤلاء يفتقرون للخبرة الدولية وخبرة المعتركات الكبرى ؟!
للمرة الثانية يا كابتن شادي تحاول التقليل من زملاءك ومن ناديك لحساب مدربك الذي افتقد للعقلانية في تبرير هزائمه ، للمرة الثانية تقول كلاماً لا يقوله لاعب كرة لفريق محترم مثل النادي الأهلي ولمنتخب محترم مثل منتخب مصر .
وحتى لو سلمنا جدلاً بأصحية إدعاءك ، فهل هذا تبرير لأسوأ لعب في تاريخ الأهلي ، هل هذا سبب لأن نرى نسبة استحواذ بطل إفريقيا لا تزيد عن 35% أغلبها تشتيت للكرات خارج منطقة جزاءنا ؟!
إن كرة القدم الحقيقية التي يعرفها مدربو كرة القدم المحترفون ليست ما قلتها أنت والبرتغالي جوزيه الذي أرجع هزيمة الأهلي في مبارااته الأولى لقلة خبرة اللاعبين وهو ما فندناه بالحرف سابقاً وأرجعه في المباراة الثانية للصحافة ..وهل يوجد مدرب عاقل بالعالم يرجع هزيمة فريقه للصحافة ، هل تعلم ماذا كان يفعل الصحفيون الإنجليز بمواطنك مورينيو ، هل تعلم ماذا فعل الصحفيون الأسبان برونالدينيو ، هل تعلم ماذا فعل الصحفيون المصريون في الجوهري قبل أمم 98 ؟!
إن دور الصحافة هو النقد ، وليس التهليل والتطبيل كالدراويش المجاذيب ، وإذا كنت مدرباً محترفاً مثل لاعبيك لما أثر بك كلامهم ، وإن أثر بك كلامهم فهذا خلل بك .
ولا أعرف حقيقة هل كلام الصحفيين هو الذي جعلك تفرغ منطقة الوسط في مباراة باتشوكا أم جعلتك تمتعنا بتغييراتك اللولبية في مباراة أديلد ؟!
لو كانوا هم وراء ذلك فاللعنة على الصحافة جمعاء ..
يا كابتن شادي كنت أمني نفسي أن يمتلك جوزيه الشجاعة ويعترف بتسببه في الخسائر التي لحقت بنا في اليابان ، أن يعترف بتكاسله في التدريب واعتماده على مهارة لاعبيه في دوري أبطال ضعيف ودوري محلي أضعف ، أن يعترف بخطأه في إدارة الشئون الفنية للفريق بشقيه الأساسي والاحتياطي ، أن يعترف بعدم قيامه بتدريب فريق الأهلي على الانتشار السريع وتوسيع الملعب ونقل الكرة بسرعة والتعامل مع الضغط القوي للخصوم ، أما اللياقة البدنية فحدث ولا حرج فهي منهارة تماماً لذا لم تسعفنَ في لقاءي باتشوكا وأديلد ..كلنا رأينا مدى التدهور البدني المفجع للاعبي الأهلي في المبارتين وبالأخص مباراة باتشوكا ومازلت أصر على معرفة نتائج فيدالجو الذي يقبض 15 ألف يورو شهرياً في حين أننا نشاهد فريقاً لا يستطيع الركض 30 دقيقة بأكملها ( شوفوا الميلان ولاعيبته العواجيز ياناس ) ..حتى التصويب للفاولات من خارج منطقة الجزاء التي أضحت في عرف الكرة العالمية بمثابة ضربة الجزاء لم يقم بتدريب لاعبي الأهلي عليها ( وليذكرني أحدكم بآخر هدف أحرزه الأهلي من ضربة حرة مباشرة خارج منطقة الجزاء ) .
جوزيه في موسم 2001 ( أفضل موسم في تاريخ الأهلي ) من حيث الأداء كان يعتمد على سياسة تدريب اليوم الكامل ، وأن الجميع معرضون للجلوس على الدكة إذا لم يتحسن أداء أحد وكلنا نتذكر ما فعله عند أول مباراة له مع ريال مدريد حينما سأل عن أكبر لاعبي الفريق ليجلسهم احتياطيين في مباراة القرن للنادي الأهلي بالرغم من أحقيتهم باللعب دون غيرهم ، ليثبِّت عقيدة عند اللاعبين أنه لا يعبأ بالأسماء بقدر الأداء ، أما الآن فيطبق نصف يوم تدريب ويعتمد على 13 لاعب لا يتغيرون أبداً مهما فعلوا ..
هل تعلم يا كابتن شادي لما أقال رامون كالديرون المدرب الإيطالي كابيللو بالرغم من فوز الريال بدرع الدوري الأسباني أقوى بطولة في العالم ..لأن الريال كان يفوز دون إقناع .. هل تعلم لما تمت إقالة المدرب الفرنسي القدير ديشامب بعد ما أعاد اليوفي للدوري الممتاز ومن قبله قاد موناكو الفرنسي لنهائي دوري أبطال أوروبا أمام بورتو البرتغالي عام 2004 ..لأن ديشامب ليس مناسباً لطموحات اليوفي الفنية .
هنا هو لب المشكلة ، أن الأهلي أضحى الآن بحاجة للمصارحة لا المكابرة ، إلى إعادة تقييم لمرحلة جوزيه ووضع النقاط على الحروف بغض النظر عن فوزه بالبطولات المحلية والإفريقية السابقة ( الضعيفة ) ..فالفائز دائماً ليس على حق ..كما أن الخاسر ليس دائماً على خطأ ، لكن الخطأ هو التنصل من الكوارث الفنية التي تحدث بفريق الأهلي حالياً وإلصاقها في الحظ والتحكيم والصحافة ، فهذا ليس الأهلي الذي أعرفه .
جوزيه ليس قديساً حتى لا تتم محاسبته ، والبطولات التي فاز بها الأهلي على حساب منافسين تعساء لا يجب الارتكاز عليها في تقييمنا الفني لأداء مدرب يمتلك لاعبين على أعلى مستوى .
أما إذا كنا سندفن رؤوسنا بالرمال ونقول أن الفوز بكرة القدم للأقوى فعلينا الانسحاب من مبارتي إيطاليا والبرازيل من مونديال القارات للمنتخبات القادم ، كما أننا يجب أن ننسحب من بطولة العالم للأندية إذا ما وصلناها مرة أخرى مادامت الأمور محسومة للأقوى .
وإذا لم تضغط إدارة الأهلي على مانويل جوزيه لتحسين أسلوب تدريبه من جمل تكتيكية وتدريب على الانتشار وتوسيع الملعب ونقل الكرة بسرعة وغيرها من فنون الكرة الحديثة فعليه الرحيل قبل أن يصبح الأهلي ذكرى مثل الزمالك بعد ما يعتزل لاعبوه المهرة الكبار ، فالفوز المبني على تقنيات تدريبية عالمية باق للأبد حتى لو غاب قليلاً ، أما الفوز المبني على مهارة لاعبين فقط دون تدعيم فني وخططي للمدرب فإنه يزول مهما طال بقاءه .

السبت، 13 ديسمبر 2008

لماذا خسر الأهلي من باتشوكا ؟!

سؤال تبادر إلى ذهن كل مشجع أهلاوي بعد مباراة الرباعية المكسيكية ، سؤال أجوبته كثيرة وبدأت تطرح في رؤوسنا منذ زمن لكننا تغافلناها ، وسر التغافل أو التجاهل هي البطولات التي يحصدها الأهلي واحدة تلو الأخرى سواء محلية أو قارية ، فالفوز دائماً ما يغشي الأبصار ويزيل الكوارث .
الخسارة من باتشوكا لم تبدأ في اليابان فقط بل بدأت من منافساتنا الهزيلة التي لا ترتقي لمستوى الأهلي الحقيقي ، فبين دوري أبطال إفريقي ضعيف وسيء التنظيم إلى دوري مصري فرقه قليلة الحيلة أمام منتخب مصر ( الأهلي ) .
دوري أبطال إفريقيا أضحى مستباحاً للأهلي بسبب ضعف الفرق المنافسة ، ففرق إفريقيا جميعاً لا يوجد بها لاعبين على مستوى عالي أو لاعبين ينتمون لمنتخبات بلادهم اللهم إلا الأهلي والهلال السوداني ، أما الآخرون فجميعهم بلا استثناء لا يمتلكون لاعبين مؤهلين لمنافسة الأهلي وذلك إما لأن فرقهم تتكون من لاعبين صغار السن سيذهبون للاحتراف بمجرد بلوغهم العشرون أو ما قبلها أو لاعبين كبار السن متخلفون كروياً لذا لم يلفتُ أنظار أوروبا وبقوا في فرقهم ، ولنتذكر قديماً كيف كان الترجي الرهيب والإفريقي والنجم الساحلي والرجاء المغربي والمولودية الجزائري وكوتوكو الرهيب وأسيك القوي قبل موجات الاحتراف الجماعي التي اجتاحت فرق إفريقيا كلها إلا مصر .. لذا كان الفوز بدوري الأبطال هو حلم جميل يصعب تحقيقه بسهولة ، أما الآن فبات الفوز بها للأهلي أسهل من شرب القهوة الساخنة بعد تفريغ كل الأندية السابقة من نجومها إلى أوروبا ، أما الدوري المصري فحدث ولا حرج ، فبعد انهيار الزمالك وقبله الاسماعيلي لم يتبقَ للأهلي سوى فرق البترول لمنافستها وهي فرق تتكون من بعض اللاعبين المهرة الذين مازالوا يعيشون على إرث فكر كروي هم ومدربوهم أن الأهلي لابد من أن يفوز بالألقاب لذا لا ينافسوا الأهلي أو يزاحموه على منصات الكؤوس .
أما التنظيم والملاعب والإعلام فهم مناخ كروي فاسد لا ينتج منافسة حقيقية وحدث ولا حرج من إسطبلات خيل نلعب عليها إلى إعلام متلون مأجور إلى تنظيم بالكيف ..والكيف يا صاحبي يحكم .
وفي ظل تواجد معظم لاعبي منتخب مصر في الأهلي وأمهرهم ، فقد تسيد مصر والقارة منذ 4 سنوات ، وأصبح لاعبو الأهلي متمرسون إفريقياً لا يضاهيهم أي أحد آخر على ذلك ، لكنهم لم يخرجُ من العباءة الإفريقية وظلوا بها ولم يطورُ أنفسهم ليصبحوا فريق كرة قدم حقيقي لا يعتمد على مهارة بركات أو تريكة أو رأسية من فلافيو أو استبسال من جمعة .
ما شاهدناه من فريق باتشوكا هي كرة القدم الحقيقية ، كرة القدم التي تعتمد على التسليم والتسلم السريع والانتشار الرائع والسرعة في الانطلاق والضغط على الخصم .. هذه أمور لم يواجهَ الأهلي من قبل في بطولات إفريقيا الضعيفة والدوري المحلي ، ولم يتعود لاعبوه عليها لأنهم استكانوا إلى أسلوب اللعب التقليدي الذي دائماً ما يأتي بثماره مع من يواجهوه محلياً وقارياً .
ننتقل الآن إلى النقطة الأخرى ، هل جوزيه بالفعل مدرب كرة قدم حقيقي أم لا ، هذا السؤال الذي صعب علينا الإجابة عليه بشكل حيادي في ظل ضعف المنافسين التام وفي ظل تواجد لاعبي منتخب مصر الأفضل عبر التاريخ بين صفوفه وعدم وجود أمثالهم في فرق إفريقيا أو الدوري .
مباراة باتشوكا أجابت لنا عن هذا السؤال بمنتهى الدقة ، فالفارق الذي ظهر بين أسلوب لعبنا وأسلوب لعب صاحب ترتيب الثالث عشر بالدوري المكسيكي أظهر لنا مكانتنا الحقيقية في فنون كرة القدم .
لاعبو الأهلي غير مدربون تماماً على التعامل مع ضغط الخصم ، على افتكاك الكرة من فريق سريع ، على التمرير السريع والسلس الذي يربك صفوف الخصم ، تحركات اللاعبين بطيئة جداً وليست في سرعة لاعبي باتشوكا الذين يجدون بعضهم البعض بسهولة ، لم تظهر لنا لياقة بدنية تجاري الفريق المكسيكي ( فينك ياعم فيدالجو ؟! ) ..
هذه هي كرة القدم الحقيقية التي يعرفها العالم كله ولم نعرفهَ في الأهلي ، لضعف خصومه الذين لم يظهرُ لنا هذا الفارق بالإضافة لسوء الطموح التدريبي لدى الجهاز الفني بالارتقاء بمستوى لاعبي الأهلي للعب كرة قدم حقيقية بغض النظر عن ضعف منافسينا ، ولا أريد من أحد إدعاء أن هذا مستوى لاعبينا الحقيقي وليس في الإمكان أفضل مما كان ، فلاعبو الأهلي الحاليين مستواهم يؤهلهم للعب كرة عالمية كأي فريق عالمي محترم .
أما إذا سألني أحد ما مستعجباً وقال لي أن الأهلي حقق المركز الثالث في بطولة 2006 فأجاوبه أن الطفرات واردة جداً في كرة القدم لكنها إن لم تجد نظام يدعمها فإنها تسقط سريعاً ، وهذا ما اتضح في مباراة باتشوكا بفريق يمتلك عناصر أفضل بكثير من عناصر 2006 ، وقبلها في فريق 2005 الذي لا يقهر .
نأتي للطامة الكبرى وهي إحتياطيو فريق الأهلي ، بات احتياطيو فريق الأهلي في فريزر جوزيه منذ مجيئهم للنادي ، فافتقدوا الطموح والرغبة بالأداء بإصرار الخواجة على 13 لاعب يلعب بهم كل مباراة مهما تألق الآخرون ولفتوا الأنظار ، تفاءلنا خيراً بمستوى العجيزي ودروجبا وحسين ياسر وحسين علي بالمباريات الودية أو حتى الرسمية القليلة التي شاركوا فيها لكننا لم نرهم في الملعب بالرغم من تألقهم إذا ما نزلوا للعب .. إذاً لما استقدمناهم مادمنا سنلعب بـ13 لاعب فقط دائماً وأبداً ؟! ، كما افتقد لاعبين مثل رامي عادل ومحمد سمير وإينو إلى حساسية اللعب وأصبح نزولهم للملعب قد يسبب كوارث بعد ما كانوا نجوماً بفرقهم يشار لهم بالبنان ، بالتأكيد هذه ليست مسئولية جوزيه فقط فهو يشاركه في تلك المسئولية الاتحاد المصري لكرة القدم ( اتحاد البيزنس والفضائيات ) الذي لم يوافق على مشروع الجوهري بوجود دوري رديف يحافظ على اللياقة البدنية والفنية والذهنية لاحتياطيو فرق الدوري الممتاز .
وبات الآن إحتياطيو الأهلي يتمردون ويتململون من الجلوس في ثلاجة الدكة بعدما كانوا ينزلون لأرض الملعب يأكلون النجيل أكل ، ولنتذكر تصريحات حسين ياسر ودروجبا ، كما أنهم افتقدوا الثقة في إمكانياتهم وبالتالي فقدوا جزءً منها .
ثم نأتي لحراسة المرمى التي كلما نأتي على ذكرها نتذكر ابتسامة أحمد ناجي العريضة في التلفاز وهو يدعونا لعدم القلق عليها والاطمئنان لأمير وصحبه رمزي صالح ( الذي اشتريناه تعاطفاً مع غزة ) أو الموهوب أحمد عادل ، يا كابتن أحمد أنا وكل من يتابعوا الأهلي ممن أعرفهم وهم كثر لاحظوا الخلل المتكرر في أداء أمير ، فأخطاءه متكررة وليست مفاجئة ، أولاً عدم خروجه في الكرات العرضية والركنيات ، وإذا ما خرج من حلق مرماه فهو يعود ويروح في مكانه عدة مرات هلعاً من التقاط الكرة ، بالإضافة لبطء ردة فعله الشديدة نحو الكرات المتأرجحة داخل منطقة الـ18 فهو يكتفي بمتابعتها حتى تسكن الشباك ، ثالثاً سوء توجيهه للدفاع مما يتسبب في كوارث ( 21 هدف في 22 مباراة يا ناس مع فرق أقل من الأهلي بسنين ضوئية ) ، إذا كانت تلك السلبيات واضحة لنا نحن الجماهير ولم تعالجهَ يا كابتن ناجي فهذا خلل بك ، أما إذا كنت تحاول معالجتها على مدار عام كامل ولم تفلح فهذا خلل بأمير ويجب استبعاده حفاظاً على اسم ومكانة الأهلي والاعتماد على الموهوب أحمد عادل والصبر عليه أو شراء حارس إفريقي كفء وما أكثرهم ، أما إذا كنت تكابر أنت وجوزيه في محاولة إثبات ذات للحضري ولمؤيديه على حساب الأهلي فهي طامة كبرى أن تدار شئون الأهلي الفنية بتلك الطريقة .
ونأتي لصفقات الأهلي التي تتركز في لاعبين الوسط والهجوم حتى أصبح عندنا تخمة بهما تكفي لتوزيعها على فرق الدوري جمعاء بالإضافة إلى أن قليل منهم من يحظى بفرصة اللعب في الأهلي ، وأصبح عندنا شح رهيب في عدد المدافعين ومركز الليبرو ، وهذا ما لم يتلافه جوزيه في اللجوء لطريقة 4-4-2 إذعاناً لظروف الفريق الحالية ، وإن كان يعفيه من المسئولية قليلاً أن اللاعب المصري لم يدرب عليها منذ صغره ولم يستوعبهَ بشكل جيد حتى الآن ، فهي تحتاج لحضور ذهني جيد في التغطية ومراقبة الخصم .
إذا كنا ننوي يا سادة الاحتفاظ بنجومنا وإتباع سياسة عدم التفريط في اللاعب المصري بسهولة للاحتراف كما تفعل باقي فرق إفريقيا من ترك لاعبيها فعلينا لعب كرة قدم حقيقية ..فليس لنا عذر في عدم لعبها ، فنحن نمتلك لاعبون على أعلى مستوى وإدارة تتعامل باحتراف ومدرب يقبض مرتباً مثل مدربو فرق الوسط في أسبانيا وإيطاليا ، عيب أن نجد فرق آسيا وأستراليا تلعب كرة قدم حقيقية ونحن مازلنا لا نلعبها ! .

عالماشي :

· المواقع المشبوهة للأندية الضئيلة حجماً وموضوعاً ممن خرجوا للشماتة في الأهلي فأنتم مجرد كومبارس يجب عليكم الاكتفاء بالمشاهدة فقط فهذا هو دوركم الحقيقي في الكرة المصرية .
· لا داعي لمجاملة جوزيه يا كابتن شادي فأنت لن تفقد مكانتك في الفريق مرة أخرى لذا لا داعي لتحميل نفسك مسئولية أخطاء فنية متراكمة للمدرب على مدار سنين طوال ، ناهيك عن أخطاء إدارة المباراة .
· أمير عبد الحميد في حديثه مع قناة الأهلي أخذ يهاجم الكاديكي مادحاً نفسه ببطولاته التي حققها مع الأهلي ( بالله عليك يا شيخ أنت مصدق نفسك ؟! ) .
· إدارة الأهلي ( إدارة إحنا مش طرف ) وقفة مع الجهاز الفني للفريق فقد أصبحنا مطمعاً لفرق الدوري والآن سنصبح مطمعاً لفرق إفريقيا ولن يهابنا أحد .
· يجب على الاتحاد الدولي لكرة القدم تغيير نظام البطولة بتقسيم الفرق إلى مجموعتين ، فمن الظلم والإجحاف أن تضيع سمعة قارة في مباراة واحدة قد لا يخدم فريقها الحظ ، ولتضاف إلى الفرق الفائزة بدوري الأبطال الفرق الفائزة بكؤوس الاتحاد وتصبح بطولة عالمية على أعلى مستوى .

السبت، 22 نوفمبر 2008

Traitor الخائــن

مازال هوس الحرب على الإرهاب يسيطر على مخيلة منتجي هوليود الأمريكية بالمناصفة مع قادتهم العسكريين والسياسيين ، فمن الملاحظ أنه في الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام من قبل هوليود الأمريكية بفهم الشخصية العربية والإسلامية ، وفهم قضاياها ومحاولة فهم أو تفهم وجهة نظرها تجاه كل شيء قد يمتد أثره على أمريكا .
الأمر بالطبع ليس يسيراً في ظل النظرة الصهيوينة الأحادية المسيطرة على هوليود الأمريكية منذ نشأتها ، لكنه عالأقل هناك محاولات جادة لإخراج الشخصية العربية الإسلامية من الجانب الذي حشرته فيه هوليود وهي الشخصية السلبية السخيفة الشريرة الغبية الجشعة إلى إنسان مثلهم كل ما ينقصه هو قصور مستوى التقدم في مجتمعاته عن المجتمع الأمريكي .
لا أستطيع بالطبع تأريخ هذا التحول ، لكني عالأقل أتذكر بداياته مع فيلم The Kingdom of Heaven ، وفيلم Munich لستيفن سبيلبيرغ مروراً بفيلم The Kingdom انتهاءً بفيلمنا الذي سنتناول نظرة تحليلة له وهو فيلم Traitor .
بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع محتوى تلك الأفلام إلا أننا يجب أن نقر بحقيقة تغير النظرة الهوليودية للشخصية العربية إلى نظرة إيجابية أفضل ، محاولة بذلك تحليله وفهم أبعاده النفسية والاجتماعية .
فيلم Traitor هو فيلم تم إنتاجه عام 2008 للمخرج
Jeffrey Nachmanoff بطولة Don Cheadle ذلك الشاب الأسود الظريف الذي عرفناه من سلسلة أفلام Ocean's 11 & 12 & 13 الشهيرة ، فيلم يبهرك ويجذبك إليه من أول لقطة ، وعلى الرغم من طول مدة الفيلم إلا أنك لا تشعر بالملل نهائياً ، وهو يحكي عن عميل للمخابرات الأميريكة من أصل سوداني يتم زرعه داخل خلية إرهابية من أجل التعرف على قادتها وعملائها في كل مكان بالعالم للقضاء عليها .
سلبيات الفيلم متعددة وتبدأ باسمه Traitor ومعناه الخائن ، وكما يتضح من سياق الفيلم أن هذه الخيانة من وجهة النظر الأمريكية هي خيانة رائعة وجميلة تنقذ أرواح الآلاف من الأمريكيين ، لكن اختيار هذا الاسم سيكون له تأثير سلبي على الطائفتين المعارضة لما فعله البطل والموافقة له ، فالمعارضون لما قام به سمير هارون بطل الفيلم سيجدون في اسم الفيلم أبلغ تعبير على رفضهم لما قام به ورفض رسالته وسيقولون بمنتهى البساطة أنه مجرد خائن يكرمه الأمريكيون ويجب أن لا نقتدي به ، أما المؤيدون لما فعله سمير سيجدون حائلاً كبيراً بين تأييدهم للبطل وتكريمهم له وكرههم لصفته المطلقة عليه في عنوان الفيلم .
يبدأ الفيلم في محطته الأولى وما أكثر تنقلاته بين بلدان العالم ، في السودان لطفل صغير يصلي بجانب والده ويقرأ القرآن ويلعب معه الشطرنج ، حيث يقوم المخرج في هذا المشهد ببناء أرضية طيبة للبطل بأنه شخص متدين وذكي منذ نعومة أظفاره ومن ثم تأصيل تاريخ الشخصية النفسي ليسهل على المشاهد تفهمها ، ثم بعدها ينزل الوالد من المنزل ليركب سيارته والابن واقف في الشرفة يودعه ..لتنفجر سيارة الأب وسط ذهول الابن الصغير سمير .
المشهد الأول في الفيلم وهو بوابة الدخول للفيلم فيه خطأ تقني ساذج جداً وقع فيه المخرج وهو مشهد الصلاة عند وقوف الابن على يسار الأب في الصلاة في حين أن الأب هو الإمام ! ، وكلنا يعلم أن الإمام في الصلاة التي تجمع بين اثنين فقط يكون واقف على يسار المأموم وليس على يمينه ، قد يكون هذا المشهد صغيرٌ جداً ولا يتعدى الخمس ثوان وبالطبع فهو ليس له تأثير جوهري على أحداث الفيلم إلا أنه يفضح وبصورة هائلة أن الإعداد لهذا الفيلم لم يكن بالشكل المطلوب وكان إعداداً بالصورة التقليدية منطلقين من مبدأ رغبتهم في مخاطبة المجتمع الأمريكي فقط عبر هذا الفيلم والذي بالتأكيد لن يهتم لمثل هذه الفرعيات .
كما وضحت سابقاً أن هذا الخطأ يوضح بشكل هام أن المخرج لم يهتم بفرعيات الفيلم التي تخدم مصداقية القصة ، لذا تعدى خطأه هذا إلى الأخطاء اللغوية للعرب الذين ظهروا في الفيلم في لغة عربية ركيكة مصطنعة إلى أبعد الحدود ..وكان الأولى هو الإتيان بعرب حقيقيين ليتحدثوا بلهجات الدول التي سيمثلونها في الفيلم أو الإبقاء على نفس الممثلين مع جعل اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في الحديث وهذا لن يؤثر على واقعية الفيلم من قريب أو من بعيد ، لكن أن يتم التحدث باللهجات العربية بهذه الركاكة المصطنعة فهو أمر يثير الاستياء ، فالفيلم حسب ما شاهدنا يبدو أن إنتاجه تكلف ميزانية هائلة لذا إن إعطاء هذه الفرعيات بعض الاهتمام كان سيضفي كثير من التعمق في الشخصيات مثل فيلم Munich للعبقري ستيفن سبيلبيرج الذي لم يدع أدنى الفرعيات تهرب من بين يديه .
الفيلم ناقش بصورة معمقة وجهة نظر الجماعات الإرهابية التي تعادي الولايات المتحدة الأمريكية في مشاهد عدة أبرزها المشهد الذي يجمع سمير وعمر بالأطفال في فرنسا ، كما أنه يعرض وجهة النظر الأمريكية بغطرستها المستفزة وسطحيتها الشديدة في تحليل الأمور وتجسد ذلك في دور الممثل
Neal McDonough أو الضابط ماكس آرشر .
لكن الفيلم قام بطرح وجهة نظر جديدة وفريدة من نوعها تبعد كثيراً عن وجهة نظر الجماعات الإرهابية أو وجهة نظر الإدارة الأمريكية الدارجة أو المتعارف عليها من وسائل الإعلام .
فوجهة النظر التي قدمها سمير هارون وكما لخصها هو في آخر الفيلم عند حديثه مع
Guy Pearce أو الضابط كلايتون تنطلق من المبدأ القرآني الوارد في آية 32 بسورة المائدة (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) حيث أن سمير يرى أن السلام بين الشعوب وحفظ أرواح البشر هو أهم شيء في الوجود ، وأن قتل الأبرياء من جانب تلك الجماعات يشوه صورة الإسلام .
وجهة نظر جديرة بالاحترام ، وتفعيلها في مشاهد الفيلم عبر شخصية سمير هارون كان على أعلى درجة ، فهو يرفض تماماً قتل أي من الأمريكيين والعرب على السواء وهذا اتضح في مشهد تفجير السفارة الأمريكية بفرنسا ومشهد دفاعه عن صديقه عمر في آخر الفيلم .
لكن وجهة النظر هذه عابها عدم اتساع نظرة التعاطف تجاه العرب ، من تعاطف سمير مع عمر لمجرد الصداقة إلى تعاطف كلي مع المسلمين والعرب في العراق وأفغانستان وفلسطين ، عكس ورودها متسعة في الفيلم تجاه الجانب الآخر لتشمل التعاطف مع الأمريكيين والغرب عموماً ، وهنا يجب طرح سؤال هام ..هل يجب أن نكون أصدقاء للغرب من منطلق إنساني أو سياسي كي ننال تعاطفهم ؟!
النظرة المثالية التي قدمها سمير في حديثه مع عمر وفريد وهم جالسون في مقهى بفرنسا عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم هي أقرب للسذاجة منها إلى الواقع الخاص بهذا الفيلم .. فعندما أمرهم فريد بأن يشربوا الخمر كي لا يثيروا الشبهات حولهم رفض سمير في أول الأمر ذلك بحجة أن الخمر حرام وأنه لا داعي لها حيث أنهم غير مراقبون أو مهددون وعندما رد عليه فريد بأنه يجب أن نتظاهر بأننا مثل الآخرون حتى لا نلفت الأنظار مما قد يتسبب في فشل العملية فقال له سمير أن المسلم لا يكذب ! .. فيلم يتحدث عن جماعة إرهابية تنوي قتل المئات في بلاد الغرب وتريد أن تنصحها بعدم مشروعية هذه العمليات بأن تقول لهم بأن المسلم لا يكذب فهذه سطحية شديدة في مخاطبة الآخر وكأنك تنصح طفل صغير ، أما إذا كان الغرض من هذا المشهد هو تشويه صورة الجماعات الإرهابية فمحاولة الفيلم ستبوء بالفشل لأن فئة المخاطبون من هذا الفيلم من المؤيدين لهذه الجماعات لن يثنيهم هذا المشهد أو يردهم عن تأييد ومؤازرة تلك الحركات التي ترى فيها وسيلة قوية لهزم الظلم الأمريكي .
الفيلم يعيبه أيضاً التهويل الشديد لقوة الجماعات الإرهابية ، فهو يصورها على أنها تستطيع الهروب من أي سجن والدخول إلى أي بلد ، ولها قدرة فائقة على تهريب الأسلحة وإختراق أعتى الاجهزة الأمنية في العالم للتجسس صالحها ، ناهيك عن كثرة وتوالي الأعمال الإرهابية بالفيلم في عدة عواصم عالمية مما يوحي للمشاهد بسهولة تنفيذ تلك الهجمات في أي وقت ومتى ما تشاء الجماعات الإرهابية ، وهذا ما ينافي تماماً الواقع ! .
لكن فيما يبدو أن النظرة الأمريكية لأي عدو تعتمد في الأساس على التهويل من قدراته لتحفيز المجتمع الأمريكي على مجابهته دون تراخي أو استهتار .
الفيلم في مجمله فيلم جيد ، وأداء الممثلين فيه أداءٌ ممتاز وبالأخص أداء الممثل المغربي
Saïd Taghmaoui الذي قام بدور عمر ، والتنقل بين عواصم العالم المختلفة أضفى تشويقاً وغموضاً رائعين للفيلم ، والموسيقى التصويرية كانت جيدة جداً .

الجمعة، 14 نوفمبر 2008

الهوية الدينية المصرية .. تاريخ وأحداث وتحليل

لا يستطيع أي قارئ للواقع المصري أن يهمل في تحليله للمجتمع هوية المصريون الدينية ، ولا يستطيع أي باحث اجتماعي محترم إغفال تلك الهوية والتقليل من شأن تأثيرها على العقلية المصرية لما لها من قوة وسطوة حقيقية على سلوكيات الشعب المصري حتى في أكثر فئاته انحلالاً ، ولمحاولة فهم أبعاد هذه الشخصية وتفهم شكلها الموجود في الإطار الحالي للمجتمع المصري يجب علينا البدء في تقصي تاريخ صراعاتها وحضورها وانكساراتها وازدهارها في العصر الحديث للدولة المصرية ، فمنذ وصول الألباني الأصل " محمد علي " إلى سدة الحكم في مصر عام 1805 انتقلت مصر إلى مرحلة ما يسمى ضمنياً بمرحلة " الحداثة " ، حيث كان انبهار محمد علي بالنموذج الفرنسي على وجه الخصوص قد دفعه دفعاً إلى محاولة التقيد بإطار الحداثة على الطريقة الفرنسية فاتخذ خطوة أثرت كثيراً على الهوية المصرية غير عابئٍ بالتركيبة النفسية والتاريخية للمصريين ، فأنهى عهد الدولة الإسلامية وانتقل إلى الدولة العلمانية على الطريقة الفرنسية بعد أن نحى الشريعة الإسلامية واستبدلها بالقانون الفرنسي الوضعي .
لم تكن خطوة الاستبدال هذه التي قام بها محمد علي خطوة محسوبة بشكل أعمق من شكلها الظاهري والمتمثل باللحاق بركب الحداثة " الفرنسي " ، ولعل أصول الرجل الألبانية لها الأثر في ذلك ، فأي متأمل للتاريخ المصري وشخصية شعبه يجد أن الهوية الدينية هي العامل والمكون الرئيسي لشخصيته ، والانجراف نحو حداثة مستوردة من الخارج في قالب لا يناسب الهوية المصرية هو كمن يغزل الماء بالماء !
حاول محمد علي كثيراً أن يُخرج المصريين من هويتهم الدينية إلى هوية رآها هو أعم وأشمل ألا وهي الهوية الوطنية ، فقام باتخاذ إجراءات عديدة أميزها هو ابتعاث الشيخ الأزهري رفاعة الطهطاوي إلى فرنسا ليدرس هناك ثم يعود بعدها ليكًوِّن جيلاً من الأئمة وعلماء الدين على الطريقة الإسلامية الفرنسية بعد معارك ضارية خاضها الشيخ ضد شيوخ الأزهر التقليديين في هذا الوقت ، كما كان‏ ‏محمد‏ ‏علي‏ ‏أول‏ ‏حاكم‏ ‏مسلم‏ ‏ينادي بحقوق المواطنة فمنح‏ ‏الأقباط‏ ‏رتبة‏ ‏البكوية‏ ‏وعينهم‏ ‏كحكام‏ ‏أقاليم ‏(‏ رتبة‏ ‏المحافظ‏ ‏ورئيس‏ ‏المدينة‏ ‏حاليا‏ً ) مثل ‏بطرس‏ ‏أغا‏ ‏أرمانيوس‏ ‏حاكما‏ً ‏علي‏ ‏برديس‏ ، ‏وفرج‏ ‏أغا‏ ‏ميخائيل‏ ‏حاكما‏ ‏علي‏ ‏دير‏ ‏مواس‏ .. وغيرهم .
آمن المصريون كثيراً بفكر محمد علي واحترموه وخاضوا معه معاركه ضد الوهابية رمز الدولة الثيوقراطية آنذاك مؤمنين بأهمية الدولة الوطنية ، بل ازداد إيمانهم بالدولة الوطنية العلمانية فنشأ أول مجلس ‏‏نيابي‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏عام‏ 1866 ‏وشمل‏ ‏قانون‏ ‏الترشيح‏ ‏المصريين‏ ‏عموما‏ ‏بغير‏ ‏تفريق‏ ‏بسبب‏ ‏الدين‏ ‏في‏ ‏حق‏ ‏الترشيح‏ ‏لعضوية‏ ‏المجلس‏ .
وكأي تجربة جديدة يخوضها الإنسان استمتع المصريون بتجربة محمد علي واستمروا فيها طويلاً وطوروها لتصبح أقرب للحلم الذي راود مخيلة محمد علي وهو يتخذ خطواته الأولى للحداثة ، فنشأت الأحزاب واشتدت المنافسة بينها وأصبح الشكل الليبرالي المصري أقرب للنموذجية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين .
لكن الهوية المكونة لأي شعب قد تختفي لبعض الوقت لكنها لا تختفي كل الوقت ، فظهرت حركة الإخوان المسلمون عام 1928 على يد الشيخ حسن البنا الذي لاقت دعوته قبولاً غير متوقع لأي محلل اجتماعي وقتها ، فدعوة البنا أيقظت أو أحيت الهوية الدينية من جديد في الشخصية المصرية والتي كانت خاملة لبعض الوقت .
انتشار الفكر الإخواني لاقى استحسان جيد من القيادات آنذاك ، وأصبح فكراً وطنياً له تقديره بمشاركته الفعالة في الحركة الوطنية سواء ضد الاستعمار أو بعض المسئولون الفاسدون أو حتى في حرب 48 ، ولعب ذكاء حسن البنا في إرساء قواعد للجماعة ضمن إطار محدد يتناسب مع الوضع الاجتماعي الذي صنعه محمد علي والذي كان مازال يحكم المجتمع المصري آنذاك ، كما نجح في استمالة الشارع القبطي للحركة بصداقته القوية مع مكرم عبيد باشا أو على الأقل تحييد هذا الشارع تجاه حركته .
كانت فرصة البنا ذهبية جداً في وصول الإخوان إلى السلطة لو أمهله الوقت قليلاً حيث كانت المنافسة مع الأفكار المعاصرة آنذاك صراع نزيه وسهل على البنا الفوز به، لكن قيام الثورة قضى على حلم عودة الدولة الدينية ، بل قضى على أي فرصة للإسلاميين وغير الإسلاميين في الوصول إلى السلطة بعد انتهاء شهر العسل بين الليبرالية والدولة المصرية بعودة الأخيرة إلى ثكنة الديكتاتورية والاستبداد على يد الضباط الأحرار حتى وقتنا الحالي ، فانتقلت المنافسة مع الأيديولوجيات الموجودة ما قبل الثورة إلى صراع دموي مع فكر أحادي استبدادي يعتمد فقط على الأمر والنهي .
كان النمو الذي أحدثه البنا في الهوية الدينية المصرية أصعب من أن يحجم بخطابات الثورة عن القومية والاشتراكية ، لذا كان فكر الإخوان هو الخطر الأكبر على السلطة في نظر رجال الثورة وبالأخص بعد مظاهرة 28 فبراير عام 1954 ، لذا لجأ الضباط إلى الحل القمعي لتقويض الحركة وشلها أو بترها من المجتمع .
ونجحت الثورة في ذلك إلى حد كبير ، لكن مع انتكاسة الثورة الكبرى في يونيو 67 عاد الفكر الديني ليطرح نفسه بقوة على الساحة لكنه أجًّل الصراع مع السلطة حتى الانتهاء من أم المعارك مع إسرائيل ،ثم جاء السادات إلى السلطة بضعفه السياسي الداخلي أمام وحش الاتحاد الاشتراكي الذي منعه من التمتع بسلطاته كسلفه السابق عبد الناصر ، حتى استطاع القضاء عليه بلعبته السياسية الشهيرة وأصبحت السلطة خالصة مخلصة له ، لكن الشارع المصري لم يصبح بكامله في يد السادات حيث كان ملكاً للشيوعيين مما أرق ذلك السادات ودعاه إلى اللجوء إلى الغول الإخواني كي يدهس الفأر الشيوعي بمساندة ومباركة شخصية منه وكان له ما أراد ، لكن الغول الذي أخرجه السادات من القمقم قام بالتهامه في حادثة المنصة الشهيرة ويعود ذلك لثلاثة أسباب رئيسية أولهم شدة التعذيب والتنكيل الذي لاقاه الإسلاميون في معتقلات عبد الناصر جعلتهم في حاجة ملحة لوجود فكر شرعي يلبي لهم رغبتهم في الانتقام من السلطة وكان لهم ما أراد على يد محمود شاكر مؤسس الفكر التكفيري مع الشيخ عمر عبد الرحمن ، والسبب الثاني هو فتح الأبواب أمام الراغبين في الجهاد ضد السوفييت في أفغانستان إرضاءً للولايات المتحدة مما تركهم فريسة سهلة لاعتناق الفكر التكفيري وحمله إلى وطنهم الأم مصر لتطبيقه ، والسبب الثالث هي سياسات السادات الخارجية في الموالاة لأمريكا والصلح مع إسرائيل ، ناهيك عن محاولة السادات تعديل قانون الأحوال الشخصية المتبقي من إرث الحكم الإسلامي في دستور 71 من قانون سماوي إلى قانون وضعي مثل تونس والذي قوبل برفض جامح من المصريين .
وأصبح الفكر الإسلامي الوطني الذي نادى به حسن البنا أطلالاً بجانب رواج الفكر التكفيري في الثمانينات والتسعينات بسبب المعالجة الأمنية السيئة التي كانت تزيد من نار الصدور وشطط العقول ، وبسبب ضعف مؤسسة الدين الرسمية وهي الأزهر في تخريج علماء حقيقيين وليسوا مجرد إمعات جهلة تابعين للسلطة مما جعلهم غير مقبولين بتاتاً من المجتمع المصري ليتم استبدالهم بفتاوي الشيخ عمر عبد الرحمن وغيره من أئمة التطرف .
وبطريقة أو بأخرى استطاع الأمن المصري أن يحد كثيراً من تنامي هذه الحركات التكفيرية الإرهابية لكنه لم يستطع القضاء عليها نهائياً لأن القضاء عليها يتطلب تعاملاً فكرياً بحتاً .
ثم عاد الإخوان المسلمون إلى الطفو مرة أخرى على سطح المجتمع المصري ، واشتد عودهم وتنظيمهم ليتوغلوا في كل مؤسسات الدولة ويصبحوا الحركة المعارضة الفعلية رقم واحد على أرض مصر ، بعد أن قدموا أوراقهم كحركة سياسية للمجتمع المصري لاقت قبولاً من كثير من المصريين بدرجة توازي البغض الذي يلقاه الحزب الوطني ومؤسسة الرئاسة ، وكان هذا جرس إنذار قوي للحكومة المصرية التي تعد جمال مبارك ليكون وريثاً من بعد أبيه .
فتفشي الفساد والتخلف في المجتمع المصري دفع المصريين ذوي الهوية الدينية المتأصلة في شخصيتهم عبر التاريخ دفعاً نحو الوقوف بجانب المعارض الأكبر جماعة الإخوان ضد السلطة لعلهم يحققون لهم ما يحلمون به من عدل وتطور وحرية . ومع مضايقة الإدارة الأمريكية المستمرة بعد أحداث سبتمبر 2001 للحكومة المصرية ومطالبتها الأخيرة بتطبيق الديمقراطية وعدم التضييق على المعارضة وبما فيهم الإخوان ، كان المسئولون المصريون يتملصون من ذلك بحجة الفزاعة الإسلامية وأن الحكومة المصرية الصديقة لأمريكا إذا سقطت فسوف تأتي حكومة إسلامية لا محالة ، واستخدموا مصطلحات تخيف الأمريكيين كالإرهاب والجزية ( ضريبة الدم وهي تسقط حالياً عن المصري المسيحي لأنه ينخرط في الجيش وهي فتوى للدكتور عمارة ) وحقوق المرأة وإسرائيل والأقلية القبطية في مصر .
كما قاموا باستغلال خوف الولايات المتحدة من الإسلاميين بمحاربة الإخوان والقضاء عليهم ، وقدموا بديلاً وهمياً من الديمقراطية يرضي غرور مطالب الإدارة الأمريكية وهي التعديلات الدستورية الصورية الأخيرة وما تبعها من انتخابات الرئاسة الهزلية .
ولم تكتفي الحكومة المصرية بذلك للقضاء على التيار الإخواني ، بل عمدت إلى دعم الحركات الوهابية في مصر والتي تنادي بطاعة ولي الأمر وأخذت تقويها لتصبح خصماً قوياً يستطيع مواجهة الإخوان وبعض فلول التكفيريين وفكرة الثورة الخومينية الشيعية ، ثم تعدت ذلك وقامت بتنشيط الفتنة الطائفية بين المصريين لخلق حالة من الكراهية بين قطبي الأمة عن طريق غض الطرف عن بعض منظمات أقباط المهجر المتطرفة والتي تقوم ليل نهار بإثارة الأقباط المصريين ضد شركائهم في الوطن من المسلمين عن طريق فضائية الحياة أو المواقع الإلكترونية ، ولا أدل على هذا التواطؤ من استقبالاتهم الحافلة لبعض قيادات تلك المنظمات أمثال مايكل منير ومجدي خليل ، أو تركهم لبعض مواقع الانترنت القبطية المتطرفة جنباً إلى جنب مع بعض المواقع الإسلامية المتطرفة لإشعال المزيد من الفتنة بالرغم من أن الحكومة تقوم بفرض حجب على بعض المواقع السياسية الهامة المعارضة مثل موقع جبهة تحرير مصر ، هذا بالإضافة لتركهم إلى دعاة التطرف يصولون ويجولون في الفضائيات دون قيد أو منع .
نجاح الحكومة المصرية في إفشاء روح العداوة بين قطبي الأمة أضحى ملموساً ، ولا أدل من ذلك إلا وصول تلك الروح إلى رؤوس الطائفة الإسلامية ورؤوس الطائفة المسيحية والتي لا نستطيع إخفاءها بمأدبة إفطار رمضان أو قداس ليلة الميلاد اللذان يصوران كل عام وهما يجمعان شيخ الأزهر بالبابا ، بل تخطت الحكومة المصرية مرحلة إشعال الصراع الإسلامي الإسلامي أو الإسلامي القبطي إلى مرحلة القبطي القبطي مثل ما حدث مؤخراً في الصراع على البابوية بين الأنبا ماكسيموس وأنصاره والبابا شنودة وأنصاره .
اكتفى النظام المباركي بترك المصريون ينهشون في لحوم بعضهم البعض بدافع هويتهم الدينية وتلاعب بها لمصلحته الخاصة ، حتى يتفرغ للقلة الصغيرة من المعارضة والتي نأت بنفسها بعيداً عن هذا الصراع ففتك بها لضعفها وقلة حيلتها مثل ما حدث مع حزب الغد والوفد والناصري ، ليتم تفريغ الساحة تماماً لجمال مبارك ، وتقديم النظام المصري الحاكم للغرب في صورة النظام الأمثل الذي إن سقط ستشتعل مصر في حرب أهلية دينية على غرار حرب لبنان الأهلية في الثمانينات ، وأن الوحيد القادر على حفظ دور مصر التابع للغرب هو النظام المباركي الذي سيرعى مصالح الغرب وطفلهم المدلل إسرائيل ويواليهم بعكس الإسلاميين الذين كما صورهم الإعلام الحكومي بأنهم مجموعة من السفاحين الذين سيفتكون بالعالم ما إن وصلوا إلى الحكم .
المتأمل في تلك اللمحة التاريخية منذ دخول مصر إلى عصر الحداثة حتى وقتنا الحالي يجد أنه بالرغم من وصول العلمانيون والاشتراكيون والقوميون والرأسماليون والمستبدون إلى السلطة إلا أنهم لم يستطيعوا القضاء على الهوية الدينية المصرية التي تحول بينهم وبين التنعم بالسلطة في مصر ، حتى جاء الحزب الوطني واستفاد من كل دروس الماضي ولعب على هذا الكارت لصالحه بحرفية عالية بها كثير من الخسة والحقارة والتضحية بتاريخ أمة وشكلها الحضاري .
لم يشهد التاريخ المصري مثل هذا الاحتقان بين المسلمون وبعضهم البعض وبين المسلمون والمسيحيون وبين المسيحيون وبعضهم البعض مثل ما تشهده مصر في مثل هذه الأيام ، حيث نجح الحزب الوطني في تطبيق نظرية فرق تسد فيما فشل في تطبيقها صاحب النظرية الأم الاستعمار البريطاني وذلك لأن الأخير ووجه بحائط صد قوي من نخبة مثقفة وطنية لها قبول وحضور في الشارع المصري عكس واقعنا الحالي حيث لا توجد نخبة مثقفة واعية لها قبول أو حضور عند غالبية المصريين وهذا ما ساعد الحزب الوطني في تطبيق النظرية بسهولة ويسر .
سأذكركم وأذكر نفسي بأنه وبالرغم من تبعية الدولة المصرية للنظام الإسلامي قديماً إلا أنه لم يحدث أبداً تفشي لهذه الحالة من الكراهية بين أطياف المجتمع المصري بسبب الهوية الدينية مثل ما يحدث هذه الأيام .
ولنبدأ إلى ما قبل دخول الإسلام مصر حيث كان الأنبا بنيامين بابا الأسكندرية الثامن والثلاثين ، والذي عينه المقوقس حاكما وبطريركا على مصر من قبل هرقل الملك والذي كان على عقيدة مجمع خلقيدونية مثل المقوقس ، فشرع الأخير في اضطهاد الأقباط لأنهم لم ينقادوا لرأيه وطارد القديس بنيامين البطريرك الشرعي ، فهرب هذا الأب إلى الصعيد ، وكان يتنقل بين الكنائس والأديرة ، يثبت رعيته علي الإيمان ، ومكث على هذا الحال عشر سنوات حتى فتح المسلمون مصر ومات المقوقس ، ولما عاد الأنبا بنيامين إلى مقر كرسيه عينه عمرو بن العاص على إدارة شئون مصر الزراعية لثقته بحكمة وأمانة الرجل وعلمه .
أما في عصر الدول الإخشيدية كان محمد بن طغج الإخشيدي يحتفل مع الأقباط بعيد الغطاس في جزيرة في النيل ، وقد أوقدوا حوله ألف قنديل .
وفي الدولة الطولونية نعرف أن جامع أحمد بن طولون بناه سعيد بن كاتب الفرغاني ، وهو مهندس مسيحي ، طلب منه أحمد بن طولون أن يبني مسجده بغير عمدٍ تمتع النظر .
وفي الدولة الفاطمية كانت العلاقة طيبة جداً بين المسيحيين والمسلمين حتى إن يعقوب بن كلس اليهودي كان الوزير الوحيد في عهد المعز ، وعيسى بن نسطورس النصراني كان كذلك في عهد العزيز بن المعز ، مما يدل على أن غير المسلمين وصلوا إلى درجات كبيرة في الدولة الدينية الإسلامية.
كما نعلم أن صلاح الدين الأيوبي كرم أقباط مصر بكنيسة أنشأها لهم خصيصا في فلسطين حررها الله بسبب وقفتهم مع إخوانهم المسلمون ضد الحروب الصليبية ، على الرغم من أن الصليبيين قادمون وهم رافعون لواء الصليب الذي يقدسه الأقباط المصريون .
كما نتذكر أن بابا الكنيسة المصرية هو أول من رفض معاهدة نابليون على قتال المصريين المسلمين ووقف مع المسلمين ضد نابليون ، وضد المعلم يعقوب قائد كتيبة الأقباط وجرجس الجوهري أحد أعيان أقباط مصر وإخوانهم كلا من المعلم ملطي وأنفورني وحنين وفادوس والذين نجحوا في أن يجندوا حوالي 2000 قبطي ليحاربوا مع جيوش الاحتلال، لكن الأغلبية الساحقة من القبط المسيحيين وأهم رموزهم وكذلك قيادات الكنيسة الأرثوذكسية رفضت هذه الخيانة وواجهتها حتى فشلت الحملة الفرنسية وخرج المعلم يعقوب ونفر من أتباعه معهم ليلقى في البحر بعد أن مات على متن أحد سفن نابليون الهاربة .
كما حاول الاحتلال الإنجليزي أن يعبث بنفس الملف محرضاً مجموعة من الأقباط علي عقد مؤتمر في مدينة أسيوط يوم 6 مارس1911 سمي المؤتمر القبطي الأول كان الدافع إليه مطالب طائفية بتحريض من الاحتلال الإنجليزي ، لكن رد العقلاء من الزعماء المستنيرين من رجال حزب الأمة أو رجال الحزب الوطني الداعين إلى الوحدة الوطنية جاء بمؤتمر آخر عُقد في نفس العام يوم 29/4/1911 سمي المؤتمر المصري ، وتجاوز العقلاء من الطرفين هذه المحنة بأن الحل لا يكون في التمييز و إنما يكون في المزيد من الاندماج .
وقد عالجت هذا الأمر بشكل مثالي ثورة عام 1919 التي قادها المسلمون والمسيحيون ضد الاحتلال الإنجليزي وخطب القساوسة في الأزهر وخطب المشايخ في الكنائس، والذي تشكل علي إثرها الوفد المصري الذي فاوض باسم المصريين بزعامة سعد زغلول وانتهى إلى تأسيس حزب الوطنية المصرية آنذاك (حزب الوفد) ، ولكن الاحتلال حاول مرة أخرى شق الصف ومحو أثر ثورة 1919 فعين يوسف وهبه باشا رئيساً للوزارة في حماية الإنجليز إبان مقاطعة الشعب الثائر لسلطات الاحتلال ، ولكن الشاب القبطي عريان يوسف سعد تطوع لاغتيال يوسف وهبة باشا كي لا تكون فتنة إذا اغتاله أحد المسلمين .
كما حاول الاحتلال الإنجليزي أن يفرض حماية الأقليات في تصريح 28 فبراير عام 1922 والذي رفضه الأقباط المسيحيون قبل المسلمين، كما صاغ الجميع دستور عام 1923 على أساس المواطنة وعدم التمييز ورفض المسيحيون قبل المسلمون تخصيص حصة في المقاعد البرلمانية للأقباط ، ونجح كثير من الأقباط في دوائر أغلبيتها الكاسحة من المسلمين لأن الاختيار آنذاك كان على أساس الكفاءة وليس الدين ، فظل الأمر على هذا الحال حتى قيام حركة يوليو عام 1952م.
كما كان من أوائل الذين عملوا في مجال الاستخبارات المصرية وتجسسوا لصالح مصر على إسرائيل هو رجل مصري أرمني مسيحي اسمه كيبورك يعقوبيان ، ناهيك عن البطولات التي سمعنا عنها من قبل الأقباط في حرب 73 من أجل تحرير تراب وطنهم .
كل هذا وأكثر ستجدونه في التاريخ المصري قبل الحداثة في الدولة الإسلامية وبعد الحداثة في الدولة الوطنية لكن التاريخ لم يشهد مثل تلك الحالات من الاحتقان والكراهية الذي نشهده الآن بسبب فساد سياسات الحزب الحاكم داخل مصر من أجل البقاء في السلطة .
نخلص من هذا كله أن الهوية الدينية للإنسان المصري هي عامل أساسي وهام جداً في تكوينه النفسي والتاريخي ومن الغباء محاولة تنحيتها أو ازدرائها كما يحاول بعض العلمانيون الجدد ، فمحاولة انتزاعها منه هي أمر محال ، كما أن محاولة التلاعب بها من أجل مصالح وأغراض خاصة سيؤدي إلى عواقب وخيمة ، وأن استغلالها الاستغلال الأمثل وتنميتها بشكل إيجابي عن طريق علماء دين حقيقيين وحكام مخلصين لهذا الوطن هو السبيل الوحيد للارتقاء بمصر ووحدة صف شعبها .

الخميس، 13 نوفمبر 2008

الأهلي في الكاميرون ..صعوبات وحلول وآمال

تترقب الجماهير الأهلاوية في كل بقاع المعمورة بداية الشوط الثاني من النهائي القاري الإفريقي بين الأهلي المصري والقطن الكاميروني في مدينة جاروا الكاميرونية ، والذي انتهى شوطه الأول بينهما في القاهرة بنتيجة هدفين للاشيء للمارد الأحمر .
شوط من 90 دقيقة يفصل نادي القرن الإفريقي على تحقيق رقمه القياسي في عدد الفوز بدوري أبطال إفريقيا بست مرات مبتعداً عن غريمه الزمالك صاحب الألقاب الخمسة ، ورقم قياسي آخر بأنه الفريق الوحيد الذي يصل إلى مونديال اليابان للمرة الثالثة .
آمال كثيرة معلقة على أقدام لاعبي الأهلي ، آمال تتعلق بتسطير التاريخ ، والزهو ، وتأكيد الريادة والسيادة المصرية على القارة الإفريقية .
بالطبع المهمة ليست سهلة بتاتاً على الرغم من فوز الأهلي بهدفين للاشيء في إستاد القاهرة الدولي ، فلكل مباراة حساباتها وتكهناتها ، وأسود القطن الكاميروني وإن بدت بلا أنياب في القاهرة ، سيكون بالتأكيد لها شأن آخر في جاروا حيث الحسابات مختلفة .
الضغوطات كبيرة وكثيرة على لاعبي الأهلي ، فما بين آمال المصريين وطموحاتهم ، إلى الرغبة في الثأر من هزيمة العام الماضي على يد النجم التونسي بفعل فاعل مرفوع بالعرجون ، إلى الطموح في تحقيق الأرقام القياسية والتي دائماً ما يدفعهم لها رغبات البرتغالي مانويل جوزيه ومن وراءه جمهور لا يقبل سوى بالنصر دائماً .
الكاميرون أعدت عدتها تماماً لاستقبال هذا الحدث ، فدأبت الصحافة الكاميرونية بشحن الجمهور شحناً سلبياً بقصص مختلقة عن سوء ضيافة الأهلي لفريقيهم في مصر وعن جمهور الأهلي المتوحش الذي أثار الرعب في قلوب الأسود الكاميرونية قبل اللقاء فسبب لفريقهم هزيمة خاطفة في أول دقائق المباراة .
وبالطبع لا نستطيع الفصل بين مشجعين فريق القطن الكاميروني وبين مشجعي المنتخب الكاميروني الذي ذاق الهزيمة على يد المنتخب المصري مرتين في كأس الأمم الماضية أحدهما في المباراة النهائية على يد فارس الأهلاوية الأول أبو تريكة ، ومن قبلها في إقصاء منتخبهم عن الوصول لمونديال ألمانيا 2006 بهدف محمد شوقي لاعب الأهلي السابق .
لذا فإن اليافطات المطالبة بالثأر تعلو وجوه مشجعي القطن وتملأ جنبات مدينة جاروا بل الكاميرون كلها ، وعليه سيكون لاعبو الأهلي تحت ضغط جماهيري هائل من جمهور أقرب للغضب منه للحماس ، بل قد يكونوا وحيدين في جاروا إذا ما ألغيت الرحلة المخصصة لجماهير الأهلي الذاهبة إلى الكاميرون بداعي قلة العدد ! .
وبعيداً عن ما يدور خارج أرض الملعب ، فإن الفيصل الحقيقي للحصول على الكأس الحلم هو أرض الملعب .
جوزيه يمتلك حلولاً عدة وسيناريوهات متوقعة يستطيع التعامل معها للخروج بالمباراة إلى بر الأمان .
الحل الأول هو الدفع بثلاثة لاعبين في خط الوسط المدافع وهم بوجا وعاشور وأحمد حسن مع وجود بركات كظهير أيمن وجلبرتو كظهير أيسر ووجود تريكة وفلافيو كرأسي حربة مع ثبات ثلاثي الدفاع شادي وجمعة والسيد .
هذا الحل يفتقد إلى الديناميكية بالرغم من أنه الحل الدفاعي الأقوى ، فوجود الثلاثي بوجا وعاشور وأحمد حسن في وسط الملعب سيساعد كثيراً على حماية الخطوط الخلفية للنادي الأهلي وسيقلل من فرص القطن الكاميروني في الوصول إلى مرمى أمير ، وبالأخص أن الأهلي سوف يكون قد أبطل مفعولي القوة لدى فريق القطن وهما التسديد البعيد لوجود ثلاثي وسط في أرض الملعب يعملون كحائط صد ضد هذه التسديدات ، والآخر هو إيقاف ظهيري القطن واللذان يمتازان بالسرعة والمهارة وذلك بعد تثبيت كل من بركات وجلبرتو في مراكزهما الدفاعية ومطالبتهما بعدم المجازفة الهجومية وضم كل من بوجا يميناً وعاشور يساراً لمساندتهما بالإضافة للمساكين جمعة والسيد .
لكن العيوب في هذه الخطة هي الندرة الشديدة في إيصال الكرة لهجوم الأهلي حيث سيكون تريكة وفلافيو شبه معزولين بالأمام ، والحل لذلك هو تكليف أحمد حسن بواجبات هجومية بمساندة من أحد ظهيري الجنب بركات أو جلبرتو في اختراقاتهما التي ستكون شحيحة في المباراة نظراً لخطورة ظهيري جنب فريق القطن ، لكنه يعيب أحمد حسن سوء التمرير والذي قد يفقد الهجمة الأهلاوية أي فعالية ، لذا إن بقاء الأهلي في منطقته طوال المباراة دون تشكيل أي خطورة على مرمى الخصم سيشكل عبء كبير على الخطوط الخلفية للفريق الأحمر مما قد يتسبب في حدوث الأخطاء .
الحل الثاني وهو الأقرب لذهني هو الدفع ببركات كلاعب خط وسط مدافع كما حدث في مباراة القاهرة بجانب عاشور وبوجا ، واللعب بتريكة كخط وسط مهاجم وبقاء فلافيو وحيداً بالأمام مع الدفع بأحمد حسن ظهير أيمن لما له من صلابة دفاعية تميزه عن أحمد صديق ولا تقل كفاءة عن بركات وهو المطلوب منه في هذه المباراة .
ستكون نفس مميزات التشكيل السابق موجودة في هذا التشكيل ، لكن العيوب سوف تتلاشى بوجود لاعب مهاري في وسط الملعب المدافع يجيد افتكاك الكرة والمراوغة والتمرير المتقن والسرعة مثل بركات ووجود تريكة إلى جانبه مما سيشكل ثنائي فائق السرعة يستطيع إختراق دفاعات الخصم بسلاسة ويسر وهذا ما يميز بركات عن أحمد حسن ، كما أن وجود تريكة كلاعب وسط مهاجم لا يجرده من إمكانياته وقوته كما يحدث إذا تم اللعب به كرأس حربة ثاني بجانب فلافيو .
هذا الحل يمتاز بالتوازن الدفاعي والهجومي حيث لن يكون فريق الأهلي محاصراً داخل منطقته طوال المباراة وستكون له القدرة على مبادلة فريق القطن الهجمات ، مع عدم إعطاء الفرصة للاعبي الخصم بالوصول إلى مرمى أمير بسهولة .
قد يكون وجود أحمد فتحي في القائمة المغادرة للكاميرون هو تأكيد على تطبيق السيناريو الثاني بدلاً من الأول لما لأحمد فتحي من خبرة كبيرة في مركز الظهير الأيمن عن أحمد حسن ، وهو يمتاز أيضاً بالصلابة الدفاعية والقدرة على الاختراق ، لكن تبقى حسابات الدفع به على حساب أحمد حسن مغامرة قد لا تؤتي ثمارها على الرغم من تألق اللاعب في التدريبات والمباريات الودية .
هذان السيناريوهان هما الأقرب للواقع وإلى إمكانيات وطريقة لعب الفريقين وطموحاتهما ، قد يفاجئنا جوزيه بحل ثالث أو رابع ، وقد يستطيع مدرب فريق القطن أن يفك شفرة الفريق الأحمر ، هذا ما سننتظر لنراه في مباراة يوم الأحد .
ويبقى الفيصل في كل هذا هو التنفيذ الحرفي للخطة والابتعاد كل البعد عن أي خطأ بالتركيز الشديد ، وعدم ترك الحشود الجماهيرية الكاميرونية تؤثر على معنويات الفريق بالسلب ، أو ترك بعض قرارت الحكم الجزائري الخاطئة تخرج لاعبينا عن تركيزهم وشعورهم .
تسعون دقيقة لا أكثر تفصل بيننا وبين تحقيق الحلم ، تسعون دقيقة عصيبة سيختبر فيها المعدن الحقيقي للاعبي الأهلي ، وكلنا ثقة في الله ثم في رجال الأهلي على العودة مظفرين بالنصر بحول الله وإسعاد الجماهير المصرية كعادتهم دائماً .