‏إظهار الرسائل ذات التسميات فن. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فن. إظهار كافة الرسائل

السبت، 22 نوفمبر 2008

Traitor الخائــن

مازال هوس الحرب على الإرهاب يسيطر على مخيلة منتجي هوليود الأمريكية بالمناصفة مع قادتهم العسكريين والسياسيين ، فمن الملاحظ أنه في الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام من قبل هوليود الأمريكية بفهم الشخصية العربية والإسلامية ، وفهم قضاياها ومحاولة فهم أو تفهم وجهة نظرها تجاه كل شيء قد يمتد أثره على أمريكا .
الأمر بالطبع ليس يسيراً في ظل النظرة الصهيوينة الأحادية المسيطرة على هوليود الأمريكية منذ نشأتها ، لكنه عالأقل هناك محاولات جادة لإخراج الشخصية العربية الإسلامية من الجانب الذي حشرته فيه هوليود وهي الشخصية السلبية السخيفة الشريرة الغبية الجشعة إلى إنسان مثلهم كل ما ينقصه هو قصور مستوى التقدم في مجتمعاته عن المجتمع الأمريكي .
لا أستطيع بالطبع تأريخ هذا التحول ، لكني عالأقل أتذكر بداياته مع فيلم The Kingdom of Heaven ، وفيلم Munich لستيفن سبيلبيرغ مروراً بفيلم The Kingdom انتهاءً بفيلمنا الذي سنتناول نظرة تحليلة له وهو فيلم Traitor .
بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع محتوى تلك الأفلام إلا أننا يجب أن نقر بحقيقة تغير النظرة الهوليودية للشخصية العربية إلى نظرة إيجابية أفضل ، محاولة بذلك تحليله وفهم أبعاده النفسية والاجتماعية .
فيلم Traitor هو فيلم تم إنتاجه عام 2008 للمخرج
Jeffrey Nachmanoff بطولة Don Cheadle ذلك الشاب الأسود الظريف الذي عرفناه من سلسلة أفلام Ocean's 11 & 12 & 13 الشهيرة ، فيلم يبهرك ويجذبك إليه من أول لقطة ، وعلى الرغم من طول مدة الفيلم إلا أنك لا تشعر بالملل نهائياً ، وهو يحكي عن عميل للمخابرات الأميريكة من أصل سوداني يتم زرعه داخل خلية إرهابية من أجل التعرف على قادتها وعملائها في كل مكان بالعالم للقضاء عليها .
سلبيات الفيلم متعددة وتبدأ باسمه Traitor ومعناه الخائن ، وكما يتضح من سياق الفيلم أن هذه الخيانة من وجهة النظر الأمريكية هي خيانة رائعة وجميلة تنقذ أرواح الآلاف من الأمريكيين ، لكن اختيار هذا الاسم سيكون له تأثير سلبي على الطائفتين المعارضة لما فعله البطل والموافقة له ، فالمعارضون لما قام به سمير هارون بطل الفيلم سيجدون في اسم الفيلم أبلغ تعبير على رفضهم لما قام به ورفض رسالته وسيقولون بمنتهى البساطة أنه مجرد خائن يكرمه الأمريكيون ويجب أن لا نقتدي به ، أما المؤيدون لما فعله سمير سيجدون حائلاً كبيراً بين تأييدهم للبطل وتكريمهم له وكرههم لصفته المطلقة عليه في عنوان الفيلم .
يبدأ الفيلم في محطته الأولى وما أكثر تنقلاته بين بلدان العالم ، في السودان لطفل صغير يصلي بجانب والده ويقرأ القرآن ويلعب معه الشطرنج ، حيث يقوم المخرج في هذا المشهد ببناء أرضية طيبة للبطل بأنه شخص متدين وذكي منذ نعومة أظفاره ومن ثم تأصيل تاريخ الشخصية النفسي ليسهل على المشاهد تفهمها ، ثم بعدها ينزل الوالد من المنزل ليركب سيارته والابن واقف في الشرفة يودعه ..لتنفجر سيارة الأب وسط ذهول الابن الصغير سمير .
المشهد الأول في الفيلم وهو بوابة الدخول للفيلم فيه خطأ تقني ساذج جداً وقع فيه المخرج وهو مشهد الصلاة عند وقوف الابن على يسار الأب في الصلاة في حين أن الأب هو الإمام ! ، وكلنا يعلم أن الإمام في الصلاة التي تجمع بين اثنين فقط يكون واقف على يسار المأموم وليس على يمينه ، قد يكون هذا المشهد صغيرٌ جداً ولا يتعدى الخمس ثوان وبالطبع فهو ليس له تأثير جوهري على أحداث الفيلم إلا أنه يفضح وبصورة هائلة أن الإعداد لهذا الفيلم لم يكن بالشكل المطلوب وكان إعداداً بالصورة التقليدية منطلقين من مبدأ رغبتهم في مخاطبة المجتمع الأمريكي فقط عبر هذا الفيلم والذي بالتأكيد لن يهتم لمثل هذه الفرعيات .
كما وضحت سابقاً أن هذا الخطأ يوضح بشكل هام أن المخرج لم يهتم بفرعيات الفيلم التي تخدم مصداقية القصة ، لذا تعدى خطأه هذا إلى الأخطاء اللغوية للعرب الذين ظهروا في الفيلم في لغة عربية ركيكة مصطنعة إلى أبعد الحدود ..وكان الأولى هو الإتيان بعرب حقيقيين ليتحدثوا بلهجات الدول التي سيمثلونها في الفيلم أو الإبقاء على نفس الممثلين مع جعل اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في الحديث وهذا لن يؤثر على واقعية الفيلم من قريب أو من بعيد ، لكن أن يتم التحدث باللهجات العربية بهذه الركاكة المصطنعة فهو أمر يثير الاستياء ، فالفيلم حسب ما شاهدنا يبدو أن إنتاجه تكلف ميزانية هائلة لذا إن إعطاء هذه الفرعيات بعض الاهتمام كان سيضفي كثير من التعمق في الشخصيات مثل فيلم Munich للعبقري ستيفن سبيلبيرج الذي لم يدع أدنى الفرعيات تهرب من بين يديه .
الفيلم ناقش بصورة معمقة وجهة نظر الجماعات الإرهابية التي تعادي الولايات المتحدة الأمريكية في مشاهد عدة أبرزها المشهد الذي يجمع سمير وعمر بالأطفال في فرنسا ، كما أنه يعرض وجهة النظر الأمريكية بغطرستها المستفزة وسطحيتها الشديدة في تحليل الأمور وتجسد ذلك في دور الممثل
Neal McDonough أو الضابط ماكس آرشر .
لكن الفيلم قام بطرح وجهة نظر جديدة وفريدة من نوعها تبعد كثيراً عن وجهة نظر الجماعات الإرهابية أو وجهة نظر الإدارة الأمريكية الدارجة أو المتعارف عليها من وسائل الإعلام .
فوجهة النظر التي قدمها سمير هارون وكما لخصها هو في آخر الفيلم عند حديثه مع
Guy Pearce أو الضابط كلايتون تنطلق من المبدأ القرآني الوارد في آية 32 بسورة المائدة (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) حيث أن سمير يرى أن السلام بين الشعوب وحفظ أرواح البشر هو أهم شيء في الوجود ، وأن قتل الأبرياء من جانب تلك الجماعات يشوه صورة الإسلام .
وجهة نظر جديرة بالاحترام ، وتفعيلها في مشاهد الفيلم عبر شخصية سمير هارون كان على أعلى درجة ، فهو يرفض تماماً قتل أي من الأمريكيين والعرب على السواء وهذا اتضح في مشهد تفجير السفارة الأمريكية بفرنسا ومشهد دفاعه عن صديقه عمر في آخر الفيلم .
لكن وجهة النظر هذه عابها عدم اتساع نظرة التعاطف تجاه العرب ، من تعاطف سمير مع عمر لمجرد الصداقة إلى تعاطف كلي مع المسلمين والعرب في العراق وأفغانستان وفلسطين ، عكس ورودها متسعة في الفيلم تجاه الجانب الآخر لتشمل التعاطف مع الأمريكيين والغرب عموماً ، وهنا يجب طرح سؤال هام ..هل يجب أن نكون أصدقاء للغرب من منطلق إنساني أو سياسي كي ننال تعاطفهم ؟!
النظرة المثالية التي قدمها سمير في حديثه مع عمر وفريد وهم جالسون في مقهى بفرنسا عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم هي أقرب للسذاجة منها إلى الواقع الخاص بهذا الفيلم .. فعندما أمرهم فريد بأن يشربوا الخمر كي لا يثيروا الشبهات حولهم رفض سمير في أول الأمر ذلك بحجة أن الخمر حرام وأنه لا داعي لها حيث أنهم غير مراقبون أو مهددون وعندما رد عليه فريد بأنه يجب أن نتظاهر بأننا مثل الآخرون حتى لا نلفت الأنظار مما قد يتسبب في فشل العملية فقال له سمير أن المسلم لا يكذب ! .. فيلم يتحدث عن جماعة إرهابية تنوي قتل المئات في بلاد الغرب وتريد أن تنصحها بعدم مشروعية هذه العمليات بأن تقول لهم بأن المسلم لا يكذب فهذه سطحية شديدة في مخاطبة الآخر وكأنك تنصح طفل صغير ، أما إذا كان الغرض من هذا المشهد هو تشويه صورة الجماعات الإرهابية فمحاولة الفيلم ستبوء بالفشل لأن فئة المخاطبون من هذا الفيلم من المؤيدين لهذه الجماعات لن يثنيهم هذا المشهد أو يردهم عن تأييد ومؤازرة تلك الحركات التي ترى فيها وسيلة قوية لهزم الظلم الأمريكي .
الفيلم يعيبه أيضاً التهويل الشديد لقوة الجماعات الإرهابية ، فهو يصورها على أنها تستطيع الهروب من أي سجن والدخول إلى أي بلد ، ولها قدرة فائقة على تهريب الأسلحة وإختراق أعتى الاجهزة الأمنية في العالم للتجسس صالحها ، ناهيك عن كثرة وتوالي الأعمال الإرهابية بالفيلم في عدة عواصم عالمية مما يوحي للمشاهد بسهولة تنفيذ تلك الهجمات في أي وقت ومتى ما تشاء الجماعات الإرهابية ، وهذا ما ينافي تماماً الواقع ! .
لكن فيما يبدو أن النظرة الأمريكية لأي عدو تعتمد في الأساس على التهويل من قدراته لتحفيز المجتمع الأمريكي على مجابهته دون تراخي أو استهتار .
الفيلم في مجمله فيلم جيد ، وأداء الممثلين فيه أداءٌ ممتاز وبالأخص أداء الممثل المغربي
Saïd Taghmaoui الذي قام بدور عمر ، والتنقل بين عواصم العالم المختلفة أضفى تشويقاً وغموضاً رائعين للفيلم ، والموسيقى التصويرية كانت جيدة جداً .

الأحد، 7 سبتمبر 2008

فيلم ( The Kingdom ) ،، والرؤية المتخلفة للواقع

استمراراً لحلقات هوليود في التعامل الساذج والسطحي والمستفز مع قضايا العرب وتاريخهم وانتماءاتهم تم إنتاج فيلم ( The Kingdom ) والذي هو يعتبر آخر مهازل هوليود " الصهيونية المذهب " ويتناول بطريقة ساذجة جدا أحداث تفجيرات الرياض وتداعياتها وأسبابها ..ويجسد الغطرسة الأمريكية المستفزة لنا معشر العرب والمسلمون بكل ما بالكلمة من معنى.. وهذا هو محور حديثي في هذا الموضوع ..
يبدأ فيلم ( The Kingdom ) بعدد من المشاهد الخاطفة التي لا تتعدى بضع ثوان والتي يتم فيها اختزال تاريخ العلاقات الأمريكية السعودية .. بعد إضافة مزيج فاخر من الأكاذيب والمغالطات التاريخية والتي تُرجع قيام العلاقات الأمريكية السعودية إلى المصلحة المشتركة حول استخراج النفط والانتفاع به ..وتناسى هؤلاء أو كعادة أبناء العم سام في الكذب والتضليل أن السبب الأقوى في نشأة هذه العلاقات يعود إلى المد الشيوعي السوفييتي الذي سيطر على كل البلاد العربية صاحبة الثقل آنذاك مما استوجب اندفاع الولايات المتحدة بكل قوتها لإيجاد صديق أو حليف عربي له من الثقل الإقليمي بين العرب ما يوازي ثقل مصر وسوريا والعراق وهي السعودية .. وتناولت مقدمة هذا الفيلم أيضاً الكذبة الكبرى التي يروج لها كثير من الجهلاء والمنتفعون ومحاربو السلفية بأن الوهابيين هم الذين يريدون العودة بالدول الإسلامية للوراء ويروجون للإرهاب .. وأن الدولة السعودية المتمثلة في كيان الأسرة الملكية الحاكمة فقدت مصداقيتها بين الشعب السعودي والتأييد من العلماء الوهابيين كما ذكر الفيلم .. وهذا منافٍ تماماً للواقع الذي يشهد بالتأييد الكاسح من هيئة كبار العلماء وعلى رأسهم الإمام عبد العزيز آل شيخ والإمام صالح فوزان الفوزان في المملكة لأسرة آل سعود ..بل ومحاربة كل علماء السلف في السعودية لظاهرة الإرهاب وتوعية الشباب السعودي بخطأ هذا النهج .. كما تضمنت المقدمة خلط متعمد بين صور لأسامة بن لادن والعلامة بن باز في مشهد يفهم مغزاه من يعرف الفرق بين الاثنين ..
إذاً الوهابية لم تكن سيفاً مسلطاً على رقاب السعوديين أو حكامهم بل كانت وما تزال وستظل الدرع الواقي للمملكة ضد الفكر الإرهابي المتطرف الذي يتبناه بعض من المسلمين الذين يحاولون عبثاً نسب أنفسهم لمنهج الإمام محمد عبد الوهاب رحمة الله عليه وهو منهم براء..
بعد هذه المقدمة التي احتوت على هذا الكم من السخافة والكذب فبالطبع سيكون الفيلم كأسلافه من أفلام هوليود مسخ جديد لا قيمة له سوى حصد التصفيق الحار من مموليه الصهاينة ..
دعني عزيزي القارئ أوضح ما جاء في هذا الفيلم من سخافات والنقد الموجه إليه أو بمعنى أدق فضح هذا الفيلم والرد على ما طرح فيه في صورة نقاط :
أولاً : عند مقتل الأمريكيين في بداية الفيلم في تلك الحادثة الإرهابية بالرياض يتم الاتصال ببطل الفيلم ( Jamie FoxX ) ويتم إبلاغه فيها بأن صديقه الذي يعمل في السعودية وهو من جهاز الـ FBI قد تم قتله ضمن مجموعة من قتلوا من الأمريكيين ..وهنا يبدأ المشهد بوجود البطل ( Jamie FoxX ) في مدرسة ابنه وفي سياق غير مفهوم للسيناريو يتم إقحام سؤال بريء من الطفل لأبيه ( Jamie FoxX ) عن أن الأشرار هم الذين يقبعون في الخارج ؟ ..وهنا يؤكد الأب على هذا المفهوم في رأس ابنه ويدعوه للبقاء في المدرسة والمقصود هنا بالطبع حول الأشرار الخارجيين هم المسلمون والعرب ،،، ثم تنتقل الكاميرا لمبنى الـ FBI ليقوم البطل بإخبار الجميع بمصرع زميلهم في تفجيرات الرياض وهنا تبدأ النغمة الأمريكية المعهودة في مثل هذه المواقف من خلال مشهد درامي تصاحبه موسيقى تصويرية حزينة بأن زميلهم هذا كان طيب القلب وكان كريماً وذو خلق طيب وله زوجة وأطفال أبرياء وكلب لطيف يفرك له ظهره ..وبالطبع لابد من وجود دموع أنثوية وهو الدور الذي تكفلت به ( Jennifer Garner ) من أول الفيلم لآخره ولم تكن لها أية أهمية سوى ذرف الدموع ،، وبطبيعة الأمريكيين الذين يظنون أنفسهم فوق الجميع وأن دمهم مقدساً ودمنا مباحاً وبإزدواجية معايير معهودة منهم يبدءون البكاء على صديقهم المقتول في حين أنهم لا يبكون على ألوف القتلى من الأطفال والنساء قبل الرجال في كل من العراق وفلسطين وأفغانستان مثل ما يبكون على قطة صغيرة في إسرائيل أو أمريكا تم حشرها في ماسورة مجاري من قبل مختل عقلي ..فأمريكا هي سفاح العالم الأول وأكبر مجرم في تاريخ البشرية والجميع يعلم ذلك بداية من نجازاكي وهيروشيما مروراً بفيتنام والصومال ولبنان انتهاءً بالعراق وأفغانستان ..لا أعرف هل رجال العرب لا يمتلكون زوجات وأطفال وأحياناً كلاب يربتون عليها مثلكم يا معشر الأمريكان أم أننا مجرد بعير تكسو صحراءنا مثل ما هي صورتكم الدائمة عنا حتى لا ننال حزنكم على ضحايانا !!!
ثانياً : يعزم البطل ( Jamie FoxX ) على الثأر لزميله ويقرر الذهاب للمملكة العربية السعودية للتحقيق في هذه القضية وهو الأمر المرفوض تماماً من كلا الحكومتين الصديقتين مما يستدعي قيام البطل ( Jamie FoxX ) في مشهد ساذج بابتزاز الأمير السعودي المتواجد في أمريكا من خلال تهديده بتلفيق له تهمة مساندة إرهابيين وإيوائهم وبالتأكيد سيرتعد الأمير العربي كعادة كل العرب في الأفلام الهوليودية وسيوافق بكل بساطة على طلبات ضابط الـ FBI وبسرعة يتم نقله للسعودية لبدء التحقيق هو ومجموعته..وعند السفر تبدأ نغمة استذكار محاسن قتيلهم والبكاء عليه مرة أخرى بدمعتين أُخريين لتذكير المشاهد الأمريكي ببشاعة ما فعله العرب ...وعند وصولهم لقاعدة الأمير سلطان الجوية وعند تسليم جوازاتهم وأسلحتهم يرى أحد الضباط السعوديين ختم مرور إسرائيلي على أحد الجوازات السفر فيسأل صاحبه الأمريكي عنه فيرد باستغراب أن هذا أمر عادي وأن له جدة تسكن في إسرائيل في مشهد يريد فيه المخرج توصيل المشاهد لحالة من الاستغراب لتفكير العرب وأسلوبهم في إدارة أمنهم الداخلي ..وهنا لي سؤال يطرح نفسه ..لو قام أحد ما بزيارة الولايات المتحدة وفي جواز سفره ختم دولة إيران هل سيكون رد فعل ضباط الجوازات الأمريكان هو الاستقبال بالورود أم التحقيق والاستجواب والمراقبة الخ الخ ..؟؟..أدع الإجابة للقارئ
ثالثاً : يصل فريق التحقيقات الأمريكي إلى مسرح الجريمة ويبدءون في معاينة مسرح الجريمة المكتظ بقوات الأمن وهم ينظرون بعين المحترف بازدراء لأسلوب الأمن السعودي البدائي في التحقيق والمسح الجنائي لموقع الجريمة وهنا تظهر عدة دعابات ( سخافات ) من الفريق الأمريكي متكررة لتثبيت فكرة في عقل المشاهد حول تخلف أجهزة الأمن الداخلي في البلاد العربية..وهنا لي وقفة ..هل الأمريكان هم من سيعلمون العرب أساليب التحقيق والمسح الجنائي في دول تصرف المليارات على أمنها الداخلي ..في دول في حرب مستمرة مع الإرهاب ولها من الخبرة والحنكة لتعليم العالم كله كيفية القضاء على الإرهاب الذي فشلتم فيه في 11 سبتمبر سابقاً وتفشلون فيه في العراق وأفغانستان يومياً !!!!
بل المعلومة التي يعلمها الكثيرين بأن أجهزة الأمن الداخلية والخارجية الأمريكية المتمثلة في الـ FBI والـ CIA ليست في القوة التي تصورونها في أفلامكم فهي أضعف بكثير من قوة النظام الأمني لحزب الله على سبيل المثال .
رابعاً : مشهد تحقيق البطل ( Jamie FoxX ) مع أحد ضحايا الحادث والذي فقد فيه زوجته ..حيث ينفجر الأمريكي غضباً في وجه العقيد السعودي ويقول له : أنتم من قتلتم زوجتي ..ثم يستطرد ويقول هذا ما أمر به نبيكم محمد ..في مشهد يريد فيه المخرج إيصال المشاهد أن الإسلام دعوة خير البشر أجمعين جاء بالإرهاب وليست السماحة مما يوضح الهدف الخفي لهذا الفيلم السخيف ..وهنا لي وقفة ..لماذا سكت الضابط السعودي ولم يرد على سفالة الأمريكي في الفيلم عكس ما هو المتوقع إذا حدث مثل ذلك في الواقع ؟؟ ..بل أنا من سأقوم بالرد عليه ..إذا كان ديننا يحض على الإرهاب فأرجوك يا سيدي عُد لنا عدد ضحايا الإرهاب الإسلامي والإرهاب الأمريكي في بلاد العالم ..وبالتأكيد تعلم كفة من هي الراجحة في الخراب والدمار ..بل دعني أضيف أيضاً بأنه إذا كانت بلاد محمد لا تعجبك فلما جئت إليها من الأساس تطلب العيش والرزق فيها !!!
خامساً : إظهار أمراء المملكة العربية السعودية في مظهر الترف والتخلف الفكري والسطحية ..هذا غير مشاهد الجمل المتعمد إدخالها دون أية لازمة في السيناريو للتأكيد على أن العرب مازالوا يعيشون في الخيام ويمتطون الجمال للتنقل بين مكان وآخر ..!!
سادساً : وهو الاستهزاء بتعاليم الإسلام ومعتقداته في مشهدين مختلفين أولهما هي التلميح بسذاجة الشريعة الإسلامية بتحريم لمس الغير المسلم للمسلم بعد وفاته ..وثانيهما هي السخرية من مكانة الشهيد في الجنة عندما قام الممثل ( Chris Cooper ) بتوجيه سؤال للمثلة ( Jennifer Garner ) عن عدد الحور العين التي يحظى بهم الشهيد في الجنة وهو على وجهه ابتسامة سخرية حقيرة وممسكاً بكتاب مكتوب عليه ( koran ) وهي كتابة خاطئة لاسم القرآن بالإنجليزية ..وإذا فتحنا يا سادة باب الاستهزاء بالأديان فثقوا تماماً أنكم الخاسرين في هذا .. لكن ما يمنعنا عن ذلك هو تعاليم الإسلام في كتاب الله وسنة نبيه عن تحريم الاستهزاء بمشاعر ومعتقدات الآخرين كما تفعلون دائماً مع الهنود الحمر الأصحاب الأصليين للأرض التي استعمرتموها وكما تفعلون معنا ..ولا أعلم لماذا إذا كان الحديث عن المعتقدات اليابانية في أفلام هوليود يتم التعامل معها بقدسية واحترام شديد بالرغم من أن ديانة اليابانيين الوثنية أولى بالاستهزاء ... لكنكم تنفذون أجندة حقيرة وضعها لكم منتجو أفلامكم الصهاينة ..
سابعاً : وهو مشهد الاقتتال بين أبو حمزة وجماعته مع الثلاثة أمريكيين والعقيد السعودي في سيارة جيب وهم محاصرون في حي السويدي بعشرات المسلحين بالآر بي جي والأسلحة الرشاشة لإنقاذ زميلهم الأمريكي الرابع المخطوف ..وكعادة هوليود فإن البطل الأمريكي لا يموت حتى لو كان طفلاً في السابعة وسط غابة من الأسود الجائعة ..بل الأدهى والأمر أن العقيد السعودي هو الذي يموت من بينهم عملاً بهذه النظرية الهوليودية .. وبعد موته يقوم البطل ( Jamie FoxX ) بالتعزية عند عائلة العقيد غازي ثم يلاقي ابنه ويقول له بأن أباه كان صديقاً مخلصاً لي ..وهنا يريد المخرج التصديق على فكرة أن العرب كي يكونوا أخيار يجب أن يكون مخلصين لأمريكا والأمريكان ..وليسوا مخلصين لبلادهم ولدينهم ..!!!
ثامناً : وهو مشهد الختام في الفيلم الذي يدعم فكرة صراع الحضارات واستمرار الاقتتال بين أمريكا وبين العرب والمسلمين في المشهد الذي تقوم فيه ابنة أبو حمزة بسؤال حفيده عن آخر كلمات جده قبل أن يُقتل وفي نفس اللحظة يتداخل هذا المشهد مع سؤال الممثل ( Chris Cooper ) للبطل ( Jamie FoxX ) عن ما قاله قبل السفر للسعودية وهنا تكون الإجابة واحدة بين الحفيد و البطل ( Jamie FoxX ) وهي أننا سنقتلهم جميعاً ..
وبالطبع فإن فيلم تمت صياغته بهذا الأسلوب المتدني فبالتأكيد ستكون نهايته دعوة للدموية ولصراع الحضارات .

بقي لي ملاحظة أخيرة وهي الفرق الكبير بين تناول سبيلبيرج المخرج اليهودي لفيلم ميونخ بطريقة عرض محايدة ومحترمة لحد كبير تناول فيها وجهة نظر العرب والإسرائيليين حول قضية الشرق الأوسط وبين هذا الفيلم التافه المليء بالأكاذيب والرؤية الأمريكية الأحادية لغيرهم من المخلوقات البشرية ..
فبالرغم من الميزانية الضخمة لهذا الفيلم التي وصلت لـ70 مليون دولار فهو نجح في شيء واحد بنسبة 100% وهو مداعبة مشاعر الأمريكيين الصهاينة وغيرهم من أعداء العرب ..وفشل بنسبة 100% كأداء ممثلين أو كقصة محترمة تستحق التخليد في أرشيف الفن العالمي ..
ونصيحتي لكل سعودي هو تجنب مشاهدة هذا الفيلم فأنا كمصري ارتفع ضغط دمي بدرجة كبيرة فما بال إخواني السعوديين ..!!

ميونخ ..مجرد فيلم أم رسالة مطلقة؟

كعادتي كل عطلة أسبوعية ألجأ إلى أي وسيلة ترفيهية لأعوض بها ما مر عليا طيلة الأسبوع من تعب وإجهاد في العمل بساعات من المتعة ..كان موعدي هذا الأسبوع مع فيلم لطالما اقتنعت بعدم مشاهدته ..لأني كنت واثق من أن هذا الفيلم هو صورة مستنسخة من سابقيه في مهاجمة العرب بطريقة مليئة بالأكاذيب والاستفزاز مع قليل أو كثير من الحقارة .. لأنه يحكي عن أحد عملياتنا الفدائية وهي العملية التي حدثت في الدورة الأولمبية ميونخ 72 والتي تم فيها قتل بعض الأولمبيين الصهاينة.لكن فيما يبدو أنه بسبب المحاصرة الشديدة من كل أنواع الملل جعلت مني هدفاً سهلاً لهذا الفيلم الذي لطالما تجنبت مشاهدته ..تناولت السي دي الخاص بهذا الفيلم محاولاً عدم الاكتراث لصورته الخارجية التي يظهر فيها بطل الفيلم ماسكاً مسدسه بعيون مليئة بالصبر والقوة ومظهر عام يوحي لك بأنه صاحب حق..يجعلك بطريقة أو بأخرى تستفز وتتجنب مشاهدة الفيلم نظراً للموروث الثقافي والتاريخي والاجتماعي عندنا معشر العرب من هؤلاء السفاحين ..تم تشغيل الفيلم وجلست أمامه محاولاً الحفاظ على هدوء أعصابي مما سوف أشاهده من صورة مغلوطة عن العرب أو عن الإسلام..وبالأخص أن هذا الفيلم تم إنتاجه العام الماضي في ظل الموجة العالمية في محاربة الإرهاب المزعوم وكراهية العرب والمسلمين..لكنه حدث ما كان غير متوقع ..حقيقة لقد أجبرني ستيفن سبيلبرج الجلوس لمدة ساعتين وسبع وثلاثون دقيقة كاملة دون كلل أو ملل .. أعانه في ذلك سيناريو بدرجة عبقري للرائعان توني كوشنر وإيريك روث..مع موسيقى تصويرية ليس لها إلا العبقري جون وليامز مزجها سبيلبرج مع الأداء وانفعالات الأبطال والأحداث بطريقة تشعرك أنك جزء لا يتجزأ من الحدث ..حقيقة لقد تفوق سبيلبرج على نفسه في هذا الفيلم ..بسبب مدى الحيادية الذي كان على أعلى مستوى ..عندما تكون الكاميرا بين يدي الصهاينة فإنها تتحدث بلهجتهم وبكلامهم المعروف ..وعندما تقفز الكاميرا حتى ولو بسرعة البرق لتصبح بين يدي عربي فإنك تجد نفسك تردد ما يقوله بنفس الحجة وبنفس المنطق..تفوق السيناريو وإخراج سبيلبرج كان محوره يكمن في النجاح الساحق في تقمص جميع الأدوار دون تزييف أو مبالغة..بل كانت قمة هذا التفوق والتألق في المشهد الذي يجمع بين علي أحد أعضاء منظمة سبتمبر الأسود الفلسطينية المسئولة عن عملية ميونخ وبين الضابط الإسرائيلي أفنار المنوط له قتل جميع قادة هذه المنظمة عندما جمع بينهما الفرنسي لويس دون أن يعرف علي بحقيقة أفنار..ليدور بينهما حديث في منتهى الواقعية ..بين الفلسطيني الذي على أتم الاستعداد للقتال مئة عام من أجل قضيته التي يظن الكثيرين من الحمقى أنها خاسرة ..المؤمن بها أتم الإيمان.. المقبل على أي حياة يختارها له قدره نتيجة اختياره الجهاد من أجل وطنه ومن أجل أن يرى العالم فداحة الظلم الذي يقع على الفلسطينيين..الذي على ثقة تامة أنه إذا مات سوف يحل محله آخرون يكملون المسيرة حتى النصر..وبين أفنار الذي يعتقد ككل الإسرائيليين أن فلسطين ملكهم وأنهم الأحق بها ..وأنهم على أتم الاستعداد للقتال للحفاظ على هذا الوطن الذي سلبوه من الفلسطينيين .حوار في قمة العبقرية بين الرجلين يعبر وباختصار شديد عن عقلية الفلسطيني العربي المسلم..وبين عقلية اليهودي الصهيوني ..لينتهي بمشهد اقتتال الرجلين عندما يعلم علي بحقيقة أفنار في جو كئيب أضفاه سبيلبرج له بموسيقته التصويرية وتصويره البطيء..يريد منه أن يقول أن الحوار بين الطرفين خير ألف مرة من الاقتتال..وهو الوتر الذي يلعب عليه طيلة الفيلم..ليقتل بعدها أفنار المجاهد علي في مشهد مأسوي ..ناهيك أيضاً عن لحظة الحقيقة التي كان بطلها كارل وهو المسئول عن عمليات التطهير في فريق الاغتيالات الإسرائيلي ..وهو رجل كبير في السن قضى ابنه نحبه في حرب 67 يعشق إسرائيل ..لكنه دائم القلق دائم التفكير والتحليل..لحظة الحقيقة كانت عندما واجه كارل زملاءه الذين كانوا يتهمون الفلسطينيين بأنهم أول من بدأ حمام الدم قائلاً وهل عندما جئنا إلى فلسطين قلنا لهم بمنتهى اللطف اتركوا أرضكم لنا ..ليرسم بعدها مجموعة من علامات التعجب على وجهه تهكماً ..ليقطع هذا الصمت ستيف اليهودي المتعصب الذي لا يجد رداً على الرجل سوى اتهامه بعد الولاء لإسرائيل وأنه شخص جبان وجب إقصاءه من المجموعة ..ثم يصل سبيلبرج إلى هدفه من الفيلم عن طريق ما حدث إلى فريق الاغتيالات الإسرائيلي الذي تحول من مطارد للفلسطينيين إلى مطارد منهم..ليقول سبيلبرج شيئاً واحدا فقط أن بحر الدم لا آخر له إذا أبحرت فيه سفن الغضب..وأن لكل فعل رد فعل أقوى منه وأبشع..وأنه كما يعتقد الإسرائيليين بأن الدم اليهودي غالي وثمين ..فإن الدم الفلسطيني ليس بالشيء المباح وأن الرد سيكون قاسي منهم..وأهم ما نجح سبيلبرج في طرحه هي قضية شبكات الجاسوسية وأجهزة المخابرات العالمية التي من أجل مصلحتها قد تضحي بأي شيء ..مثل مساعدة السي آي إيه الأمريكية لسلامة المطلوب الأول لإسرائيل في مقابل تعهد سلامة عدم التعرض للرعايا الأمريكيين في الخارج ..ثم الفرنسيان لويس وأباه نموذجا الانتهازية والجشع..الذي يبيعون أي شيء مقابل من يدفع أكثر فقط..وأن هؤلاء هم المنتفعون الحقيقيون من استمرار هذه الحرب ..ناهيك عن نجاح سبيلبرج في إيصال حقيقة هامة وهي أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بدءً من بن غوريون مروراً بجولدا مائير صاحبة أمر تحرك فريق الاغتيالات حتى الآن هي حكومات حرب وليست سلام ..وأظن أن سبيلبرج قصد ذلك بدليل ذكر اسم ايهود باراك بالتحديد من ضمن 30 إسرائيليا ذهبوا لاغتيال الثلاثة فلسطينيين في لبنان..ثم يختم سبيلبرج فيلمه بين مشهدين مختلفين وهما الاقتتال والحب يقوم بإدخالهما في بعضهما ليوصل المشاهد إلى جدول مقارنة عما يريده المخرج وهو الهدف الأساسي للفيلم بين كراهية الاقتتال والدعوة للسلام ..بعد هذه المشاهدة من الفيلم ..تبقى لي ثلاث ملاحظات وهم :-1- أن سبيلبرج عندما حاول أن يكون حيادياً في هذا الفيلم نسب إلى الموساد شيئاً ليس فيهم وهو الرحمة والإنسانية ..في مشهدين مختلفين عندما ركض أفنار بكل قوة في باريس ليمنع صديقه ماثيو من تفجير شقة الهمشري في باريس بسبب وجود ابنة الهمشري معه في الشقة..والأخرى عند رفضه التصفية الجسدية لابن أحد القادة الثلاث الذي تم تصفيتهم في بيروت .2- أن سبيلبرج لم يدرس العقيدة الإسلامية والشخصية العربية بالشكل الكافي بالرغم من كل الاحترام والمصداقية التي ظهر بها العرب في الفيلم ..وذلك لأنه يجهل شيء هام جدا..أن العرب والمسلمين بما فيهم أنا نرفض بشكل قاطع أي سلام مع الصهاينة ولن يهنئ لنا بال حتى يتم تحرير فلسطين منهم ..وأن كل صهيوني على هذه الأرض هو محتل وعدو ويستحيل أن يكون بيننا سلام .3- أن سبيلبرج برغم روعة ما قدم ..إلا أنه نسي حقيقة هامة وهي أن احتلال أرض ما ليس لها حل إلا تحريرها ..وليس السلام التام كما يريد..ولا يوجد أي شعب في العالم يجنح للسلم وأرضه محتلة وشعبه يقتل .